د. عيدروس النقيب يكتب:

الدفاع الساحلي العائد من أفغانستان

لم تفعل (شرعيات) الشرعية شيئا لتنفيذ اتفاق الرياض الموقع قبل ما يقارب مائة يومٍ، والمحدد لتنفيذه تسعون يوماً انقضت منذ أيام، لم تفعل سوى عودة رئيس الوزراء ومعه بعض الوزراء، وقيل أن بعضهم إنما عاد لتنظيف ما تبقى في خزينة وزارته قبل أن (يشال) منها، وعموما فإن عودة الحكومة لم تفعل شيئاً لتنفيذ بنود اتفاق الرياض وخصوصا في ما يتعلق بتسليم مرتبات الموظفين الحكوميين وتحسين الخدمات بسبب تعطيل المتنفذين (الشرعيين) لمستلزمات هذا البند.

 

بعد قرابة مائة يوم تذكر بعض "الشرعيين" اتفاق الرياض فقرروا تحريك قوة للدفاع الساحلي من مدينة شقرة باتجاه طور الباحة ـ الصبَّيْحة، ويقود هذه القوة شخصٌ كان ذات يوم الحارس الشخصي لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لاذن، وموضوع على قائمة الإرهاب الدولي وكأن الدفاع الساحلي لا يصلح له إلا العائدون من أفغانستان.

 

وبمقابل ذلك ترفض إحدى "الشرعيات"، نقل قوة قبلية يقودها شيخ قبلي من مأرب ليس لها أية صفة سوى إنها تسمى قوات "بن فلان الفلاني"، ترفض التحرك من شقرة باتجاه مأرب تنفيذا لاتفاق الرياض، وعلى بعد كيلو مترات من هذه القوة تدور معارك ضارية مع القوات الحوثية في عقبة ثرة، لكن قوة "بن فلان الفلاني" لا تعنيها هذه المعارك، فهي قد تركت مأرب بلا حماية تحت قصف المدفعية الحوثية وجاءت وعيون قيادتها على عدن ولا شيء غير عدن.

 

من الواضح أن الجناح المتنفذ داخل الشرعية مصرٌ على تعطيل اتفاق الرياض ومتشبث بإشعال الموقف مع الجنوب والجنوبيين ولا يكترث للهزائم المنكرة التي يتلقاها من أتباع إيران في مأرب والجوف، وفي سبيل تعطيل اتفاق الرياض لا يتردد عن استدعاء عناصر القاعدة وداعش وأنصار الشريعة وبقية الجماعات الإرهابية وبكل "علنية وشفافية"!! وعلى مسمع ومرأى من قيادات التحالف العربي التي لا يتردد هذا الجناح عن محاولة توريطها في مواقف لا يتمنى لها أحد من شرفاء البلد أن تقف فيها.

 

بالأمس قتل قائد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وفي مأرب العاصمة الفعلية للشرعية التي يتباهى الكثيرون بأنها تنافس بروكسل وستوكهولم وهلسنكي في الأمن والاستقرار ومعدلات الرفاهية، وقيل أنه كان في ضيافة أحد القيادات الحزبية والأمنية، واليوم يعود لنا الحارس الشخصي لزعيم التنظيم الإرهابي، ومن مأرب مرتدياً البدلة العسكرية الحكومية وباسم الشرعية، ويحمل لقب قائد الدفاع الساحلي، فهل لا يجيد قيادة الدفاع الساحلي إلا عائد من أفغانستان؟؟

 

الإصرار على استجلاب العناصر الإرهابية وإلباسها لباس الشرعية يؤكد أن النية المبيته لا تقتصر على العودة إلى عدن بلباس الإرهاب كما جرى في 1994م بل وعلى إفشال المساعي العربية لوأد المشروع الإيراني وبقاء أطراف قوية ومتنفذة داخل الشرعية مخلصة لإيران أكثر من إخلاصها لأهلها وذويها مستغلةً صدق ونخوة الأشقاء في التحالف العربي وكرم الضيافة الذي أحاطوها به على مدى خمس سنوات ونيف.

 

 محاربة الإرهاب ليست مهمة المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الجنوبية وحدهما، بل أن المسؤولية الكبرى تقع على التحالف العربي وقواته في اليمن، وقد تبين لقيادة التحالف من يحارب الإرهاب والإرهابيين ومن يحتضنهم ويحميهم ويوفر لهم الملاذات الآمنة ويوظفهم لتعطيل كل شيء وعلى رأس هذا الـ"كل شيء" جهود التحالف العربي في قطع دابر المشروع الإيراني واجتثاث الإرهاب من كل المنطقة العربية وفي مقدمتها اليمن.