صلاح السقلدي يكتب:
التطرف صناعة أنظمة حكم بامتياز
كتاب" معالم في الطريق" هو أهم وأخطر كتب الداعية الإخواني سيد قطب المثيرة للجدل على نطاق واسع بالعالم، لما فيه من إعلان صريح للعنف والتطرف ودعوات تكفير شاملة ليس فقط للحكام بل للمجتمعات برمتها.
كثير ما سمعتُ عن هذا الكتاب الذي تم طباعته بواسطة وزارة المعارف السعودية وبحثت عنه بكل المكتبات التي زرتها دون جدوى كونه من الكتب المحظور تداولها، إلّا أن المفارقة الطريفة كانتْ حين وجدته في سجن الأمن السياسي بصنعاء بمتناول قيادات تنظيم القاعدة حين كنتُ بمعية نشطاء بالحراك الجنوبي في ذلك السجن من يونيو 2009م حتى يونيو 2010م .
تذكرتُ هذا وأنا أتابع اليوم فضائيات ووكالات أنباء عربية وعالمية تتحدث عن اعتراف تنظيم القاعدة في اليمن- فرع جزيرة العرب- بمقتل قائده "قاسم الريمي" بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار في مأرب، وتنصيب بدلاً عنه القيادي بالتنظيم "خالد باطرفي" الذي كان أحد عناصر التنظيم في سجن الأمن السياسي بصنعاء أثناء فترة سجننا.
لم استغرب أن أجد ذلك الكتاب لدى قيادات القاعدة في سجن أمني ، - ذلك السجن الذي كان يحــــرّم على غير سجناء القاعدة إدخال قصاصة ورق، و كان ينزع الأغلفة القرطاسية لعلب المياه لئلا يستخدمها سجناء الحراك والحوثيين بمراسلات الى خارج السجن خلسة-, فالسلطات الحاكمة منذ مطلع التسعينات بل منذ نهاية عقد سبعينات القرن الماضي كانت شريكة بصناعة الإرهاب على مستوى الساحة الدولية من اليمن والخليج حتى جبال تورا بورا مرورا بباكستان ومن ثم عودتهم الى أوطانهم ليعصفوا بها بالطريقة الدامية التي شاهدناها وما زلنا حتى اليوم بدعم وإشراف أنظمة حكم عربية ودولية منها اليمن وجارتها السمينة.
ليس هذا فحسب بل كان سجناء التنظيم بذلك السجن يحظون بمعاملة مميزة وكرم لا نظير له من قِِــبل إدارة السجن، بتعليمات الجهات العليا في السجن والدولة ،فهناك في الطابق العلوي كان يقبع القيادي الباز بالتنظيم" جمال البدوي" المتهم الأول بتفجير المدمرة كول وعمليات أخرى – قُــتِلَ هو الأخر في مأرب قبل عام بطائرة أمريكية- يحظى بسجن خمس نجوم بغرفة مستقلة خاصة, بعد أن اتى الى السجن باتفاق مع السلطات على إثر ضغوطات أمريكية بعد أن ظل طليقا ويتحرك تحت عيون السلطات، ويتلقى منها الدعم والغطاء الأمني لولا الضغوطات الأمريكية، كون السلطات على علاقة وثيقة بتلك العناصر وتشكل معها تعاون متبادل، كل منهما بحسب مشروعه ومصالحه ،ويرتبطان بعروة عقد نكاح سياسي فكري وثقى، فما كان يجمعهما من خصوم ومصالح أكثر مما يفرقهما.!