د. عيدروس النقيب يكتب:
لودر التي عرفت وأحببت
كانت أول مرة أدخل فيها مدينة ومديرية لودر في الربع الأول من العام 1972م عندما كنت مضطراً ضمن دفعتي من طلاب مدارس المديرية الغربية م/ الثالثة وعددنا حوالي 120 طالباً، لإكمال الصف السادس الابتدائي وإجراء الامتحانات النهائية هناك، وتلك قصة يطول شرحها.
سكنت لودر جوانحنا وغدت جزءً من السيرة الذاتية للكثيرين منا، لا يتحدث أحدنا عن مراحل حياته إلا ويتذكر لودر بمدرستها ومدرسيها الرائعين وقسمها الداخلي وعماله النبلاء، وزملاء الفترة القصيرة من أبناء مكيراس وامشعه وزقينه، في ذكريات تجعلنا نبتهج لأفراح لودر ونُسَرٌّ عندما نقابل أحداً من أهلها وأبنائها ونتألم لآلامها ونحزن عندما يصيبها الحزن ، وقد انتابني الألم ليلة أمس عندما قدمت قناة الحدث الإخبارية تقريراً عن الجرائم التي يرتكبها أنصار إيران في حق أهالي المديرية، وخصت القناة مناطق آل بركان الواقعة إلى شمال غرب مدينة لودر عاصمة المديرية.
قام الغزاة بتهجير المواطنين من منازلهم وقراهم وحولوها إلى ثكنات عسكرية، تخيم فيها قواتهم المعتدية وتخطط لهجماتها وتشن اعتداءاتها على بقية القرى والبلدات المجاورة، وعيون قادتها على مدينة لودر والطريق المتجه إلى ساحل أبين وما بعده غربا وجنوبا.
شكا الأهالي من عدم قدرتهم حتى على أخذ ما يحتاجون من أملاكهم في منازلهم وحتى زياراتهم لمحبيهم لا تتم إلا بترخيص من قادة الغزو وعتاته، وعبر المواطنون عن أسفهم لغياب أية رعاية من قبل الحكومة الشرعية أو حتى تفكير بإنقاذ هؤلاء ناهيك عن تحرير مناطقهم واستعادتها إلى حضن المديرية والمحافظة، وما يتوفر من معلومات يقول أن المقاومة الجنوبية ممثلة بقوات الحزام الأمني في لودر والمقاتلين السلفيين هم من يتصدى للجماعات البربرية الغازية من أنصار إيران.
كل الذين يعرفون جغرافية محافظة أبين يعلمون أن مديرية لودر التي تتبعها منطقة آل بركان تلتحم مباشرة بمديرية الوضيع مديرية فخامة رئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي وكانت المديريتان ذات يوم مديريةً واحدة مع مكيراس المحتلة، كان اسمها المديرية الشمالية، ثم مديرية لودر، ولا تبعد المنطقة عن النقاط التي تتمركز فيها قوات الأشقاء القادمين من مأرب إلا أقل من عشرين كيلو متر، لكن الأخيرة لا تفكر في مواجهة قوات الحوثي ولا في حفظ كرامة أبناء لودر، ولا في إنهاء المنكرات التي يتعرضون لها، وكيف لها أن تفعل ذلك وهي تمارس كل يوم سلوكا لا يقل قبحا وإجراما عما يفعله الحوثيون في حق أبناء أبين وشبوة وغيرهما، سلوكاً يقدمها كصورة مكرر لغزاة 2015م و1994م وربما أكثر عتواً وعجرفةً واستعلاءً.
إن هذه القوات تقاتل الذين هزموا الجماعة الحوثية في 2015م ويواصلون مواجهتها اليوم في عقبة ثرة والسيلة البيضاء ، مثلما يفعل رفاقهم في الفاخر ومريس وقعطبة والازارق وفي بيحان ومرخة وعتق.
محافظة أبين يسمونها محافظة الرؤساء، وكان نظام 7/7 يسميها بوابة النصر، وها هم ورثة هذا النظام وشركاؤه يكافئون أبين المكافأة التي يعتقدون أن أبين ستبتلعها.
لودر ومعها كل أبين، تصبر على الألم وتمتص عذاباتها وتكتم التعبير عن مراراتها، لكنها لن تسكت على الضيم ولن تقبل الإذلال، ولئن كانت مقاومة اليوم غير متكافئة حيث يقاوم أبناء أبين على جبهتين، جبهة العدو المعلن وجبهة الشريك المتحين للانقضاض، فإن الأيام القادمة كفيلة بتغيير ميزان القوى، لصالح الحق الذي يعلو ولا يُعلَى عليه وصدق الحق في علاه القائل ” وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا”.