د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

هل سيخرج صراخنا المجانين السبعة؟؟ !!

المثل العربي يقول ) ما أشبه الليلة بالبارحة ) ونحن نقول :ما أقسى وأبعد المقارنة بين الأمس واليوم !!
أي ما أرحم البارحة مقارنة بيومنا الحاضر ،فبريطانيا التي حكمت عدن 139 عاما ثم تمددت إلى باقي الجنوب في الفترة الأخيرة لم تمارس عليه الظلم والجبروت كما مارسه عليه أبناؤه من الجنوبيين ثم الغزاة المتنفذون بعد الوحدة ،وما جرى في الجنوب ينطبق عليه ما جرى في هذه القصة :
كان المواطنون يتذمرون من حاكم البلدة الذي أمر باعتقال أحد المواطنين من أبناء البلدة وأوعز إلى العسكر بحبسه انفراديا في زنزانة مساحتها ثلاثة أمتار مربعة دون توجيه أي تهمة إليه ودون سبب يذكر ورغم ذلك أمر له بأطيب طعام مع توفير سبل الخدمات الأخرى !!
ورغم ذلك كله غضب المواطن من اعتقاله وأخذ يركل باب الزنزانة وظل يصرخ طوال الوقت ويقول :أنا بريء !! وأحدث صراخه إزعاجا وضجيجا ،وأبلغوا الحاكم بذلك فأمرهم بنقله إلى زنزانة صغيرة مساحتها مترا مربعا فقط ،فعاود صراخه هذه المرة ولكنه لم يقل أنا بريء وإنما قال :" حرام تسجنوني في زنزانة لا يمكنني النوم فيها إلا جالسا " !!
ولكن حاكم البلدة سافر في مهمة خارجها وأصدر مرسوما لأحد أحد أعونه المهووس بالحكم والسلطة لينوب عنه خلال فترة غيابه ،فبدأ السجين بالصراخ من جديد مما أزعج السجان ووكيل الحاكم فأمر الأخير بإدخال اثنين نصف مجانين سجناء آخرين معه في نفس الزنزانة ، وقلص سائر الخدمات الأخرى وحيث أن الوضع أصبح أقرب إلى المستحيل لعدم قدرة السجين ورفاقه نصف المجانين تحمل الوضع فأخذ السجين ورفاقه يصرخون ويستغيثون وينادون :"هذا الأمر غير مقبول ،كيف لثلاثة أشخاص أن يحشروا في زنزانة مساحتها مترا مربعا ؟!! هكذا سنختنق ونموت ، أرجوكم انقلوا بعضنا على الأقل إلى زنزانة أخرى " !! 
غضب وكيل الحاكم غضبا شديدا منهم ثم أمر بإدخال سبعة مجانين بالكامل معهم في الزنزانة وتركهم يعيشون بينهم !!‍
جن جنون هؤلاء المساجين وأخذوا يرددون : " كيف سنعيش مع هؤلاء المجانين القذرين في زنزانة واحدة ،وحتى أ أشكالهم مقززة ، ورائحة فضلاتهم ملأت المكان وتكاد تقتلنا ، أرجوكم لا نريد سوى إخراجهم من هنا !! 
وكان الحاكم قد عاد من سفره واستمع إلى شكواهم ومطالبهم فأمر بإخراج المجانين الرسميين من بينهم خارج السجن وتنظيف الزنزانة لهم ، وبعد أيام مر عليهم وسألهم عن أحوالهم ، فقالوا : " حمدا لله ، لقد انتهت جميع مشاكلنا " !!
هكذا تحولت القضية إلى المطالبة بإخراج المجانين من السجن فقط والقضية التي قبلها والتي قبلها ، حتى القضية الرئيسية الأولى وهي " سجن المواطن ظلما "!!‍
لم يعد أحد يتذكرها بل يتمنى السجين عودتها مقارنة بما كابد من عذاب هو ورفاقه مع المجانين .
والسؤال هو: هل سيخرج الحاكم القديم المجانين السبعة من السجن؟!!
هذا هو السؤال المطروح اليوم ؟!!!
د.علوي عمر بن فريد