د. عيدروس النقيب يكتب:
عاصفة الحزم . . .أين أصابت وأين أخفقت؟؟
يتصادف اليوم مع الذكرى الخامسة لانطلاق حملة التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية التي أطلق عليها عاصفة الحزم والتي استهدفت إسقاط الانقلاب الحوثي ـ الذي تحالف حينها مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحزبه (المؤتمر الشعبي العام) والفيالق العسكرية التابعة لهما وعلى رأسها الحرس الجمهوري والقوى الجوية والدفاع الجوي.
تمكنت قوات التحالف الذي ضم في البداية عدداً من الدول العربية والإسلامية، وفي أسابيعها الأولى من تحطيم وشل القدرات الصاروخية والجوية للانقلابيين وتدمير الكثير من الإمكانيات اللوجستية والدفاعية والمادية كما تمكنت قبائل مأرب والجوف من التصدي للتحالف الانقلابي الذي لم يصل إلى كل مناطقها، فيما تأخرت المقاومة في تعز في تدشين عملها لكنها وفي العام الأول أبلت بلاء حسنا قبل أن تتناوشها نزاعات مراكز القوى وتنقل صراعها إلى داخلها وتنسى صراعها مع الجماعة الانقلابية.
وفي الجنوب تمكنت المقاومة الجنوبية بدعم التحالف من تحقيق نتائج خارقة من خلال تحرير عدن ولحج وأبين والضالع ومعظم مناطق شبوة من سيطرة الجماعة الانقلابية في أقل من مائة يوم، وبعد تشكيل قوات الحزام الأمني والنخب الأمنية تمكنت هذه القوات من دحر القاعدة وداعش من مناطق شبوة وأبين وحضرموت بعد دك فلولها في عدن وأبين ودحرها إلى الصحاري حيث تخيم الألوية الموالية للشرعية.
لقد نجحت عاصفة الحزم في الجنوب لأنها وجدت حليفاً صادقاً ومخلصاً لأهداف العاصفة ولديه قضية مبدأية عادلة يؤمن بمشروعيتها السواد الأعظم من الجنوبيين، برغم شحة الإمكانيات الجنوبية وتفاوت القدرات في العدة والعتاد والخبرة القتالية.
بيد إن عاصفة الحزم قد فشلت في الجنوب لأنها اكتفت بالنصر العسكري وأهملت ما يفترض أن يحققه النصر العسكري من بعدين سياسي واجتماعي ويتمثل البعد الأول في الإقرار بمشروعية القضية الجنوبية وطمأنة الحليف الجنوبي الوفي بأن قضيته ستأخذ مكانتها في الحل السياسي القادم للأزمة اليمنية، ويتمثل البعد الاقتصادي الاجتماعي بتحقيق قدر من النهوض والاستقرار في مجال الخدمات والتموين والتنمية الاقتصادية وتهيئة الظروف للاستثمارات الجنوبية للعمل في المناطق المحررة لتحقيق قدر من التفوق على الجماعة الانقلابية في صنعاء، وهذا الإخفاق قد أفرغ الانتصار العسكري من مضمونه ومكن الجماعات المستثمرة في الحرب من إبهات هذا الانتصار وتحقير صانعيه والاستهزاء بتضحيات أبناء الجنوب والعبث بالوضع السياسي والاجتماعي في المخافظات الجنوبية.
أما في الشمال فقد تحول الكثيرون من القادة العسكريين والسياسيين الشرعيين الذين وثقت بهم قيادة التحالف، تحولوا إلى مستثمرين في الحرب فاصبحت إطالة زمن الحرب هدفاُ رئيسياً لهم ليتمكنوا من تكديس مزيد من المكاسب المادية وممارسة الابتزاز على التحالف العربي من ناحية وعلى الأهالي والوجهاء القبليين والزعامات الأهلية والمواطنين الشماليين من ناحية أخرى
ولهذا يرى الكثيرون أن التحالف العربي قد راهن على حلفاء غير مأمونين على أهدافه، وقد ورطوه في العديد من الأفخاخ كان يمكن تجنبها لو أن التحالف أجاد اختيار حلفاء مؤتمنين على أهداف العاصفة في مناطق الشمال، ويعتقد الكثير من المواطنين والوجهاء الاجتماعيين الشماليين أنهم واقعون أمام شرين، ليس فيهما أفضل، وأن تعايشهم مع الشر المقيم أهون عليهم من التصدي لهذا الشر بهدف استجلاب الشر المقيم في الخارج المتعطش للعودة لممارسة شروره عليهم.
إن عاصفة الحزم لا يمكنها تحقيق اهدافها بالأدوات التي فشلت على مدى خمس سنوات حتى في الحفاظ على المناطق التي حررها أبناؤها، في الوقت الذي يخسر فيه التحالف حليفاً جنوبياً أثبت على الأرض أنه مؤهل لتحقيق النصر والحفاظ عليه، وإن العاصفة يمكن أن تحقق أهدافها خلال أشهر إذا ما راجع القائمون عليها سياساتهم التحالفية ونقوا صفوف شركائهم اليمنيين ممن يسخرون دعم التحالف لخدمة أعداء التحالف، وهذا ما يلخصه الكثيرون بالقول لا يمكن التصدي لجماعة إرهابية بجماعة أخرى لا تقل عنها إرهاباً.