د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

الكويت بلد الخير والعطاء

ارتبط أسم الكويت بذاكره الأجيال من أبناء الجنوب العربي منذ أوائل الخمسينات والستينات من القرن الماضي من خلال التجار الحضارم عبر مواني عدن والمكلا
واستقرار البعض منهم في الكويت وتبع ذلك مئات العمال الذين وفدوا على الكويت من مختلف إمارات الجنوب العربي سابقا!!
وعندما حصلت الكويت على استقلالها من بريطانيا عام 1961م تم تأسيس الهيئة العامة للخليج والجنوب العربي» في مطلع الستينات كجهاز مستقل مرتبط بوزارة الخارجية الكويتية،التي كان يديرها حينذاك وزير الخارجية (أمير الكويت الحالي) سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي لم يجد وقتها شخصًا أكفأ من أحمد السقاف ليوليه منصب العضو المنتدب لـ«الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي» بدرجة سفير بهدف بناء المدارس والمعاهد والمستشفيات في الجنوب العربي و البحرين وجنوب السودان ومشيخات الساحل المتصالح كترجمة لقناعة حكام دولة الكويت الشقيقة بمسؤوليتهم الوطنية والأخلاقية والإنسانية إزاء دول المنطقة الأقل نموا.وكانت المساعدات التعليمية الكويتية ترسل لإمارات الساحل من قبل باني نهضة الكويت وحاكمها الأسبق المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، وكانت تشتمل على رواتب المدرسين المنتدبين من الكويت ومصر والكتب والكراريس والمواد القرطاسية الأخرى ثم توالى وصول البعثات التعليمية من الكويت ومن مصر. وكانت الكويت حريصة دائما على استقرار الخليج وتسعى لذلك بكل السبل، ولقد تولى الشيخ صباح الأحمد رئاسة هيئة مساعدة الخليج والجنوب العربي، ليرتبط مبكرا بقضايا وهموم محيطه الخليجي الذي يعد جزءا لا يتجزأ من الوطن العربي وليحمل على عاتقه هدفا كبيرا يتمثل في استقرار منطقة الخليج باعتبار الكويت إحدى لبناتها الفاعلة فدائما كان إيمان الكويت كبيراً بوحدة دول الخليج العربية، وبأن تشابك مصالحها يدعوها لأن تلتف حول بعضها، وإن العادات والتقاليد والثقافة والمصير المشترك يحتم عليها أن تنصهر في بوتقة واحدة، وإن الأزمات التي مرت بها دول المنطقة سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية، كانت جميعها تدعو إلى ضرورة تكاتف دول الخليج العربية.
وارتبط اسم الكويت في ذاكرة أبناء الخليج والجنوب العربي بالمساعدات في نهضة تلك الإمارات الصغيرة كما كانت الكويت مركز إشعاع ثقافي يواكب نهضة العرب من خلال "مجلة العربي" الشهيرة التي كان يشرف عليها سمو أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.وقد كانت الكويت ولا زالت مركز إشعاع ثقافي وحضاري منذ استقلالها ..كما كانت سباقة في مد يد العون لأشقائها العرب من المحيط إلى الخليج ولها بصمات واضحة في المساعدة في مختلف مشاريع التنمية .
وفي صبيحة الثاني من أغسطس (آب) 1990 استيقظ العالم على نبأ غزو الكويت، وما كان يخطر على بال أشد خصوم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين توقع ما حدث. كان اليمن عضواً في مجلس الأمن، ممثلاً المجموعة العربيَّة، وكان السفير عبد الله الأشطل ألمع ممثلي الدبلوماسيَّة اليمنية مندوباً لليمن لدى الأمم المتحدة،
انقطع التواصل بين صالح والحكومات الخليجية، وزاد التوتر في علاقاته مع الحكّام، الذين اعتبروا موقفه خذلاناً لهم، ومسانداً لصدام!!
وكان الملك فهد وخلال زيارته التي أعقبت الحرب العراقية - الإيرانية لبغداد، أصيب بالدهشة حين عرض عليه صدام حسين توقيع معاهدة سماها النظام العراقي في بيانه بـ «معاهدة عدم الاعتداء»، ووقعها الملك فهد حينها، واتضح أنها نية مبيتة لضمان عدم وقوف المملكة ضد العراق في أي خطوة لاحقة، و«كان خافيا على صدام حينها أن السعودية لن تسمح بأي اعتداء منه على أي دولة من دول الخليج أو دول عربية»، فكانت العلاقة المرتبطة مع الدول الشقيقة أهم من معاهدات مكتوبة لا تحقق الرغبة السعودية بالحفاظ على الصف العربي.
بدأت السعودية بحشد كل إمكاناتها لمعالجة الجروح التي أحدثها نظام صدام، فقد بدأ الملك فهد اتصالاته بمجاميع القوى الدولية، وقبلها العربية، لعقد قمة طارئة، فبدأت الرحلات نحو القاهرة التي التقى فيها الملك بالرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، واستطاعا بالقوة الدبلوماسية استصدار قرار عربي يدين الاعتداء الغاشم رغم معارضة بضع دول!!
على مر التأريخ.. لم تلتقِ مواقف الجنوب واليمن الشمالي، لاختلاف الثقافة التي تعد هي حاضنة أي شعب وهي مصدر وأسلوب حياته وتفاعلاته مع كل المتغيرات.
لمن يراجع التاريخ.. سيجد أن الشعب الجنوبي كانت دائما له مواقف عربية إسلامية خالصة، رغم كل حملات التشويه التي قادتها أقلام وكتاتيب متثيقفي الشمال من مسميات الشيوعية وغيرها!!..
وكم تحكي الصورة واقعية ما جرى خلال غزو العراق للكويت من مواقف بين الجنوب واليمن الشمالية وان كانا حينها " متوحدين في دولة واحدة" إلا أن المواقف اختلفت، فخرج شعب الجنوب يؤيد الكويت في حريتها وإنهاء الغزو العراقي، بينما خرج شعب اليمن الشمالي يردد " بالكيماوي يا صدام.. باقي جدة والدمام".
الشعب الجنوبي كان دائما صاحب مواقف صائبة، وبكل بديهية ومبدأ جُبل هذا الشعب على مواقفه الثابتة الأصيلة، رغم خذلان العرب الطويل له، إلا انه شعب تحمل وصبر ولم يبدل أو ينحرف لا نكاية ولا ردة فعل، لان الأصالة راسخة فيه.
لم يهتز الشعب الجنوبي ولم يغير ثقافته أو جلده، تحت أي ظرف كان، وفي أي زمان وموقف، مهما جارت عليه صروف الدهر وتغيرات مواقف الجيران والأشقاء، حيث كان ثابتاً مؤمناً بأنه جزء أصيل لا يتجزأ من مصير الأمة العربية وحضارتها الإسلامية وعمقها الأمني والجيواستراتيجي.
ولا غرابة اليوم من المواقف الرجولية الشجاعة التي تتبناها قيادة المملكة لدحر التدخل الإيراني في اليمن ولا زالت تبذل الغالي والنفيس من أجل إطفاء نار الحرب في اليمن لإعادته إلى موقعه الطبيعي في الجزيرة والخليج .. كما نشيد بسياسة الكويت ومساندتها لقضية الجنوب العربي والظلم والجور الذي وقع عليه من جارته اليمن الشمالية لأن الكويت الشقيقة تعرضت لأبشع منه أثناء الغزو العراقي عام 1990م ..ونثمن عاليا مواقف أميرها وحكومته وكل أحرار الكويت وكتابها وعلى رأسهم الدكتور فهد الشليمي والأستاذ أنور الرشيد وصدق من قال " النار لا تحرق إلا رجل واطيها "
د.علوي عمر بن فريد