د. عيدروس النقيب يكتب:

التحالف العربي مخدوع أم خادع؟

بعيد توقيع اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر من العام المنصرم، تنفس الكثير من المواطنين الصعداء اعتقاداً منهم بقرب تشكيل حكومة كفاءات وطنية لاحزبية تتولى إعادة الخدمات وضبط الملف الأمني وقبل كل هذا دفع مستحقات الموطفين الحكوميين المنقطعة منذ أشهر وبعضهم منذ سنوات، ومن ثم توحيد الجهود العسكرية والأمنية باتجاه الجبهات الرئيسية للمواجهة مع الخصم المشترك الذي أتت عاصفة الحزم والتحالف العربي لدحره واستعادة الدولة التي خطفها وشرد قادتها واستولى على مقدراتها وبدأ بمصادرة ممتلكات ومنازل المتحكمين فيها.

* لم يكن الرهان على شركاء الاتفاق من أساطين (شرعيات) الشرعية، فالعديد من هؤلاء وأكثرهم تنمراً وهيمنةً على صناعة قرارات الشرعية، لم يكونوا يودون توقيع الاتفاق، وقد لاحظنا كيف كلفوا الناطقين باسمهم من خارج الرياض بالتهجم على الاتفاق ومعه التهجم على الدول الراعية له، ولم يكتفوا بالإمارات التي هي هدفهم اليومي، بل أضافوا هذه المرة السعودية التي يعتاشون على دعمها وكرم ضيافتها، ويقميون على أراضيها وفي فنادقها.

* وباستثناء ما ورد في رسالة مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية لم أقرأ تصريحاً ولا بياناً رسمياً باسم هؤلاء يشدد على أهمية تنفيذ اتفاق الرياض، لأنهم يشمئزون من مجرد ذكره، وهو ما يعني أن اتفاق الرياض عند هؤلاء لم يكن سوى مخدر مؤقت باننتظار التهيئة لأجندة أخرى يطول الحديث فيها لكن أهم ما فيها أنها لا تستهدف استعادة صنعاء ولا حتى مديرية بني حشيش.

* لندع كل هذا الوضوح الذي لا يختلف عن وضوح الشمس في رابعة نهارٍ صيفي ونستعيد التذكير أن عاصفة الحزم عندما بدأت استهدفت دحر الانقلاب وعودة الشرعية إلى صنعاء، وكبح المد الإيراني الذي مثله ويمثله الانقلابيون.

* يؤمن الكثير من اليمنيين في الشمال والجنوب بجدية الموقف الذي تعلنه دول التحالف العربي عن أهداف عاصفة الحزم، بيد إن آخرين كثر ومنهم العديد من أنصار الشرعية بما فيهم بعض المقيمين في الرياض، لديهم تفسير آخر وهو أن التحالف جاء لتدمير اليمن وتجزئته وإضعافه ونهب ثرواته والسيطرة على منافذه الاستراتيجية، وتلك أقاويل كثيرة لن نخوض فيها لكننا نتحدث فقط عن اتفاق الرياض وتنفيذه، ونتساءل هل كان الطرف الراعي للاتفاق يعني ما أعلنه  أم أنه كان يخادع الطرفين أو أحدهما كما تقول بعض مراكز الشرعية.

* ويتساءل آخرون: إذا كان التحالف ليس خادعا لآحد في هذه المعادلة فهل يمكن أن يكون مخدوعاً؟

يستدل أصحاب هذا التساؤل على معطيات قادمة من أرض المعركة، فلقد قدمت الشقيقتان السعودية والإمارات دعماً لوجستياً تسليحياً وتقنياً ومادياً ، ناهيك عن مئات الملايين التي تصرف كمرتبات وهبات وإكراميات لأصحاب الأسماء الحقيقية والوهمية، لكن من يتسلمون كل تلك الأموال والتقنيات بما فيها المركبات والآليات العسكرية والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة يتركون معسكراتهم وينسحبون منها تاركين كل ذلك ليغدو غنائم ومن ثم سلاحاً فتاكاً بيد العدو الذي يفترض أن قوات الشرعية ومعها القوات السعودية تحاربه، وبعبارة أخرى فإن الحوثي يحارب السعودية ويقصف مدنها ويقلق أمن مواطنيها بسلاحها الذي سلمته حلفاءها لتحقيق أهداف عاصفة الحزم، وقد سرب إعلاميون موثوقون أن العملية تتم من خلال بيع تلك الغنائم باتفاق بين المستلم والمسلم.

* وبالعودة إلى اتفاق الرياض فقد انتظر الناس ضغطاً جاداً من قبل الطرف الراعي للاتفاق من أجل تنفيذ بنوده دون تلكؤ من أي طرف لكن الراعي لم يستطع إخراج “بن معيلي ومسلحيه” من شقرة التي تبعد عن جبهات المواجهة مع الحوثي مئات الكيلومترات في حين تتساقط تلك الجبهات بيد قوات الحوثي بعد مقاومة باسلة تقوم بها القبائل ولا حضور يذكر لـ”الجيش الوطني” الذي يتقاضي قادته ما قيمته مئات المليارات السعودية.

فمن الخادع ومن المخدوع في هذه المعادلة الغرائبية العصية على الفهم والتفسير؟؟

الله وحده يعلم ومن بعده الأشقاء الكرام قادة التحالف العربي.