د. عيدروس النقيب يكتب:
التصدع في الحكومة الشرعية
لم يكن البيان الذي أصدره بعض وزراء الحكومة (الشرعية) والموجه ضد رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك، لم يكن سوى نتاج طبيعي لذلك الصدع الكبير داخل هذه الحكومة، والناتج عن وجود أكثر من مركز من مراكز القوى التي تتحكم في بنية وعمل وتفكير وسلوك هؤلاء الوزراء مما يقدمهم على أنهم أشبه بوكالة تجارية بين مجموعة من الشركاء المتنازعين الذين لا يجمعهم سوى تقاسم الأرباح نهاية كل موسوم (مع الاعتذار لبعض الوزراء الشرفاء والمحترمين).
أطرف ما في بيان الوزراء (إن صح إن كل الأسماء المذكورة وقعت عليه) إنه يحذر من أن الخلافات في مجلس الوزراء " تسهم في إضعاف الحكومة وزعزعة ثقة المواطن بها"، فهؤلاء يتحدثون عن إضعاف حكومة هي أصلا غير موجودة وبعض الأسماء لا يعلم المواطنون أن أصحابها وزراء إلا من البيان، أما الأكثر طرافة فهو الحديث عن زعزعة ثقة المواطنين بالحكومة.
ليس هذا موضوعنا، فمن يريد الثقة به عليه أن يقدم شيئاً يصنع هذه الثقة لا أن يتوارى ويختفي، فلا يظهر إلا على تويتر أو في ذيل الموقعين على بيان لا معنى له، وطبعا في قائمة المرتبات التي لا يعلم تفاصيلها أحد ممن يطلب منهم الثقة بالحكومة.
نسي السادة الوزراء أنهم وبموجب اتفاق الرياض (بافتراض أنهم ما يزالون يتذكرونه) نسيوا أنهم مجرد حكومة تسيير أعمال (هم لا يسيرونها لا من قبل الاتفاق ولا من بعده) وأن الناس يتوقعون من رئيس الجمهورية الإسراع في إعلان حكومة الكفاءات التي نص عليها اتفاق الرياض.
لا يمكن للمواطن البسيط فهم على ماذا يتضارب الوزراء ورئيس حكومتهم، هم وزراء بلا مهمات ولا واجبات ولا حافظة دوام والراتب يحولونه مباشرة إلى حساباتهم البنكية دون حتى أن يوقعوا عليه، فلماذا النزاع يا سادة.
وجود حكومة فاعلة ومستقرة وذات كفاءة وشعور بالمسؤولية ومنسجمة فيما بين وزرائها مرهون مرةً أخرى برفع يد الأحزاب عن مثل هذه الحكومة وتفعيل اللجنة الثلاثية وتشكيل حكومة الكفاءات، وكل هذا تضمنه اتفاق الرياض الذي لا يرغبون حتى في الحديث عنه لأنهم يشمئزون من مجرد ذكره، أما الحكومة الراهنة فقد انتهى عمرها الافتراضي منذ مطلع فبراير الماضي لكن ما تبقى لها هو التنفس الاصطناعي والمغذيات الوريدية التي لن تضيف لها عمرا فوق عمرها.