د. عيدروس النقيب يكتب:
كورونا ليست في قرن الكلاسي
بينما يتوجه العالم كله ليس فقط للتوقف عن الحروب والنزاعات ومناقشات الجدل الفكري والعلمي، بل وإلى إيقاف الجامعات والمعاهد والمطارات والمصانع، ويكرس كل شيء يحوزه من أجل التصدي للجائحة العالمية المهلكة التي أبادت حتى اللحظة فوق المائة ألف نسمة وتهدد فوق المليونين والأعداد في تضاعف، بينما ينشغل العالم بكل هذا يحشد خاطفو الشرعية اليمنية كل إمكانياتهم العسكرية والتقنية والمالية والبشرية للتوجه إلى منطقة قرن الكلاسي في مديرية شقرة بمحافظة أبين شرقي عدن.
من الواضح أن هناك من يستغل انشغال العالم بما في ذلك كل القوى الوطنية والمدنية اليمنية الشريفة بمواجهة فيروس كورونا ومنع تفشيه ما أمكن، ليحقق انتصاراً عسكرياً ولو على حساب معاناة الناس وما يهدد حياتهم وما يفتقرون إلأيه من أبسط مقومات الحياة.
كان كاتب هذه السطور ومنذ نحو اسبوعين قد وجه دعوة لأبناء أبين ، كل أبين، للمطالبة بعدم الانجرار إلى محرقة الفتنة التي ترسم مسالكها وسيناريوهاتها خارج أبين وخارج الجنوب والتي تستهدف تصفية الجنوبيين بالجنوبيين، ليكون وقودها أبناء أبين والجنوب عموما، فعندما تندلع الحريقة في أبين لن تنال أبين إلا نصيب الأسد لكن من الدمار والخراب والدماء والدموع فقط، بينما سيتقاطر المخططون بعد نهاية فيلم الرعب هذا لتقاسم الغنائم وتقديم التعازي والمواسات لذوي الضحايا، ولا بأس أن يمتدحوهم ويثنون على حماقات الحمقى ويعتبرونها بطولات، . . . . . وما تجربة 1994م عنا ببعيدة.
هل يعي المتعطشون لإشعال الفتنة أبعاد ما يفعلون؟ وهل يدركون أن ما كل مسرحية لها نهاية ممتعة؟ أم إنهم يعتقدون أنهم يذهبون نحو لعبة مسلية سيخرجون منها مبتهجين وسعداء؟
لن أتحدث كثيرا عن كارثة كورونا التي تتربص بالوطن والمواطن، حتى لا يقال للبسطاء والمخدوعين أنه هذه هي حجة من لا يستطيعون المواجهة، (ولست أدري من يتمنى المواجهة أو يتعطش لها؟؟؟) لكنني سأرجئ الحديث عن كورونا لأذكر المتعطشين لمشهد الحريق من أبناء أبين وشبوة وكل الجنوب ابتداء برئيس الجمهورية وانتهاء بأصغر مستشار أن الدفع بالبسطاء إلى محرقة لا ناقة لهم فيها ولا جمل لا يمكن أن تكون علامة شجاعة وقوة ناهيك عن منافاته للأخلاق والقيم الإنسانية نظراً لما سيتسبب به من جراح لأهل أبين ولأبين المجروحة أصلا طوال تاريخها؟
لست من الميالين إلى لغة الهنجمة والتهديد والوعيد لكنني أنبه المتلهفين إلى رؤية الحرائق تلتهم أبين والجنوب، إلى أن لا يتوقعوا ممن سيواجهونهم بأنهم سيقدمون لهم باقات الورود وعلب الشوكولاته، فكل مخلوق مفطور على الدفاع عن عرضه وأرضه ونفسه وغالبا ما يقاوم من يهدده رغما عن رغبته في السكينة والسلام، ومن يجهل هذه الحقيقة إنما يقود من يقودهم إلى الحتف المؤكد مهما أوهمهم بفائدة الغنائم وعائدات الغزو والسلب والنهب الذي طالما اقترن بحملات الحروب والغزوات.
وبالعودة إلى موضوع كورونا أذكر الجهلة والمتجاهلين أن دولاً عظمى تجاهلت نصائح الخبراء والمتخصصين بالاستعداد لمواجهة الجائحة فكانت النتيجة سقوط عشرات الآلاف من الوفيات ومئات الألاف من الإصابات والأعداد في تزايد، ومن هنا فإنني إذ أتوجه إلى العقلاء في قيادة الشرعية إلى توجيه الأموال والإمكانيات والبشر لمواجهة الجائحة القادمة بكل تأكيد مهما توهم البعض أنه حالة استثنائية بدلاً من زراعة أسباب إضافية إلى أسباب الموت المنتظر جراء الوباء القادم إلينا والموت الذي اقتارن بالحروب اليمنية التي يصنعها السياسييون الدمويون.
وليعلموا أن فايروس كورونا ليس في أبين وليس في شقره أو قرن الكلاسي أو الشيخ سالم لكنه في المنافذ والمطارات والأسواق والمناطق المزدحمة وفي بيوت ومدن الفقراء ومخيمات النازحين وحيثما يخل الفقر والجهل الذي نجح القادة اليمنيون في جعله رديف لاسم بلدهم.
فهل يرعوي المستهترون ويكفون عن التعطش لمشاهد الدم والخراب!!!!!
* * *
بعد إتمام هذه المنشور بلغتني معلومات (شبه مؤكدة) أن عددا من أبناء أبين وقياداتها الشرفاء توجهوا إلى قيادات القوات القادمة من خولان ومأرب وطلبوا منهم المغادرة والعودة إلى مناطقهم وإيقاف الاستعدادات التي تجري لمحاولة تفجير الموقف بين أبناء الجنوب، وهذا ما توقعه الكثير من العارفين بحقيقة نزاهة وشجاعة أهل أبين واعتزازهم بكرامتهم وعزتهم وانتمائهم، فلهم التحية.