د. علوي عمر بن فريد يكتب:
الموت بوباء فيروس الكورونا !!
منذ أواخر ديسمبر العام الماضي تسلل إلى الصين وباء الكورونا وقضم حياة المئات بل ربما آلاف الناس في صمت رهيب وخاصة في مدينة ووهان وتكتمت الحكومة الصينية عن ذلك الوباء حتى قيل أنهم تخلصوا من الدكتور الذي نبههم مبكرا وحذرهم من خطورة ذلك الوباء !!
وعندما انتشر الوباء في تلك المدينة كان لابد للسلطات الصينية أن تعلن عنه وفرضت حجرا على المدينة بكاملها ولكن المرض أخذ يتسلل إلى خارج الصين بسرعة البرق وغزا كل مدن وقرى العالم !!
اهتزت أرجاء المعمورة كلها لهذه الجائحة التي سرت فيها وحصدت ولا زالت عشرات الآلاف من البشر بين ليلة وضحاها !!
ورغم ذلك كله الإنسان المسلم يؤمن أن الموت هو الحقيقة الكبرى في هذا الكون وإن تعددت أسبابه ومواعيده فهو القضاء المحتوم للانتقال إلى الآخرة .
قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:185]، وقال الله سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [العنكبوت:57]. وقال الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء:35].
ولو كانت الدنيا تدوم لأحدٍ: لأدامها الله تعالى لأنبيائه وأوليائه وأصفيائه عليهم الصلاة والسلام، فأين هم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام؟ وأين هم الصدِّيقون والشهداء رضي الله تعالى عنهم؟
وأين هم الصحابة والتابعون رضي الله تعالى عنهم؟ كلهم ذاقوا الموت -إلا عيسى عليه الصلاة والسلام وسيذوقه في آخر المطاف-. قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} ) [الأنبياء:34].
وقال الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:30
وتعددت أسباب الموت وكما قال الشاعر العربي :
من لم يمت بالسيف مات بغيره / تعددت الأسباب والموت واحد
و لكن المفارقة المحزنة أن الإنسان إذا مات با لكورونا يموت على سرير بارد وحيدا معزولا .. في صمت رهيب بعيدا عن أحبائه لا يرى أمه ولا أبيه ولا زوجته ولا أولاده ولا بناته ..يموت دون وداع ولا يحضر جنازته أهله ولا أصدقاؤه وأقاربه ولا يحمله إلى مثواه
الأخير إلا سيارة الإسعاف ولا يغسل ولا يكفن ويدفن بثياب المستشفى التي البسوها إياه عند دخوله !!
يموت الناس بالآلاف كل يوم عبر القارات من فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة ،أصبح الناس في زمن الكورونا مجرد أرقام دون أسماء لا نعي ولا عزاء على صفحات الجرائد ولا يصطف أهلهم وأحبائهم لتلقي العزاء والمواساة فيهم !! .
الدول والحكومات تشعر بالعجز أمام هذا الوباء ..يبدو المشهد مؤلما لا نستوعبه ولا نراه .. يثير الخوف والفزع يشعر المرء أن كل شيء ينهار، حتى المستشفيات في بعض البلدان المتقدمة لم تعد قادرة على استيعاب البشر.
فيروس قاتل لا يفرق بين كبير وصغير وسليم وسقيم ينهش ويفتك بالجميع ومن يحبون الحياة، يبكون على أنفسهم عندما يشعرون بأن الفيروس أخذهم مبكرا إلى الموت دون رغبتهم.
فما أصعب أن تتخيل ألم المصابين بهذا الوباء وهم يذهبون نحو الموت دون ضجيج ...ولا شك أن المؤمن القوي هو الشخص الوحيد الذي لا يخشى الموت بحد ذاته ..ولكنه يتمنى قبل موته أن يودع أحبابه حتى ولو من خلف زجاج غرفته في المستشفى !!
فالموت مخيف في زمن كورونا، لا يشبه أي موت في هذه الأيام، فحين نرى جثثا مكدسة لأناس ماتوا في بعض الدول يدفنون في مقابر جماعية دون شواهد على قبورهم ولا أسماء !!
وختاما نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ولهم ويرحمهم ويتقبلهم مع الشهداء وإنا لله وإنا إليه راجعون.
د.علوي عمر بن فريد