د. عيدروس النقيب يكتب:

الرئيس المفترى عليه

في ظل حالة السيولة السياسية والإدارية التي يشهدها البلد وتعمد تعطيل المفاعيل والأدوات القانونية والمدنية والمجتمعية واستبدالها بتفعيل الفوضى والبدائل المنفلتة الموازية للدولة المفترضة، صار بإمكان أي صاحب نزعة إجرامية أو ثأر شخصي أن يطل من على قناة فضائية ويلعن من يشاء بما في ذلك دول التحالف العربي التي تدعم شرعية الرئيس هادي ليختتم حديثه بأنه يدافع عن "فخامة الرئيس" وينفذ توجيهاته، ولا يبخل أن يضيف من عنده دعاءه للرئيس بأن (يحفظه الله).

كما غدا بإمكان أي منحرف أو مختل نفسيا وذهنياً أن يحشد مجموعة تضم عشرين أو ثلاثين مسلحاً ويطلق عليه لواء (أبو فلانة) أو كتائب (بن فلانة) أو (بن علان) ويبدأ في ممارسة البلطجة والاستهتار والسلب والنهب والبسط والعبث وحتى القتل رافعا شعار "نحن ننفذ توجيهات فخامة الرئيس".

لقد تفشت هذه الظاهرة في الأيام والأسابيع والأشهر الأخيرة حتى لم يعد بالإمكان التمييز بين أصحاب المشاريع والأجندات المشبوهة وبين الوزراء والشخصيات الرسمية ولا بين عصابات السلب والنهب وجماعات قطاع الطرق وبين القوات الرسمية المؤيدة للشرعية التي يفترض أن لا تسمى بأسماء الأفراد أو القادة أو عائلاتهم أو قبائلهم، وأن تكون خاضعة خضوعا مطلقا لقيادة مركزية معروفة تأمر هؤلاء فينصاعون لأوامرها أو تمنعهم فيمتنعون، تكلفهم بمكان عملهم أو تنقلهم منه، تكافئهم إن أصابوا وتحاسبهم إن أخطأوا.

سألني أحد الأصدقاء هل تعلم ما إذا كان رئيس الجمهورية يعلم بكم الجرائم التي ترتكب تحت اسمه؟ فقلت له: لا أدري، لكنني لا أتصور أنه راضٍ عن الوضع.

قال لي: لو كان غير راضٍ لما سكت كل هذا السكوت عن الجرائم التي ترتكب باسم "تنفيذ توجيهات فخامته"، واستطرد صديقي:

إن الرئيس إما مفترى عليه ومغيب تغييباً متعمداً عما يجري، أو أن هناك من داخل المؤسسة الرئاسية من يدير ويخطط ويدبر كل هذه الأعمال ذات الصبغة الجنائية والطبيعة الإجرامية ثم يمنح أصحابها الضوء الأخضر ليعلنوا انتسابها إلى رئيس الجمهورية فيكتسبون بذلك حصانة من أية مساءلة، فمن يحاسب ذلك الذي يدعي أنه يمثل الرئيس وينفذ توجيهاته؟!!!!!

حتى لو ارتكب ذاك المدعي جرائم قتل وجنايات تهريب الممنوع والمحظور أو باع السيادة الوطنية؟؟