د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

الأوطان لا تباع !!

نعم الأوطان لا تباع إلا على أيدي الخونة والسفلة من أبنائها الذين باعوا شرفهم وما بقي من كرامتهم في سوق المصالح وفتات المال من أسيادهم !!
إن هؤلاء أشبه بالقوادين الذين يكشفون عورات الوطن من الخونة وقد عرفوا في العصر الحديث بالطابور الخامس ) أو ( الخيانة العظمى ) على الخونة وأعوانهم وهو وصف لمن يتعاملون مع أعداء بالداخل أو الخارج بغرض التخريب والتضليل ، وإشاعة الفوضى وزعزعة أمور البلاد مما يؤدي إلى المساس بأمن بلده واستقراره ، وقد ورد في القران الكريم العديد من الآيات التي تحذرنا من صفة الخيانة ومن الميل إلى الخائنين أو الركون إليهم أو الدفاع عنهم فالله تعالى يبطل خيانتهم ولا يصلح لهم عملا ..فالخائن منبوذ من الجميع حتى من يخدمهم لا يرونه إلا وسيلة مؤقته لتحقيق ما يطمعون فقط .. فالخائن لا عهد له ولا أمان له ونقول لهم :
لا تعتذروا بالخيانة وعقوقكم لهذا الوطن بأنكم له ناصحون وعليه حريصون ومما سيأتي خائفون .. الخير معلوم والشر معروف لا تكذيب بعد اليوم .. بعتم أنفسكم سلعة رخيصة لتكونوا أجندة وعملاء لعدوكم وعدو وطنكم !!

أما الوطن فهو حبيب الإنسان، فمن يخونه فقد خان كل القيم والمثل.وهذا هو ما يفعله المتدثرون بالدين لتضليل الناس من عصابات الإصلاح الذين تركوا قراهم للحوثي يعبث فيها كما شاء ويمموا وجوههم شطر الجنوب ونقول لهم إن من يفقد كرامته في مسقط رأسه لن يستردها في وطن غير وطنه وبلد غير بلده !!
الوطن هو من صورته منابر صحوتهم غير المباركة، على أنه وثن، وهذه هي نتيجة كارثية واحدة؛ من نتائج الخطاب الديني المضلل والمتطرف للإخوان الذين قبلوا خيانة أوطانهم ورهنوا مستقبلها ومصيرها لقطر وتركيا بثمن بخس كما هو اليوم في اليمن ويتجسد ذلك بوضوح مع ما يقوم به بعض العملاء من أبناء الجنوب لمساعدة قوات الإصلاح الغازية وما تقوم به من عدوان سافر على أبين وقبلها شبوة .
إن سجلات التاريخ؛ تحفظ لنا الكثير من قصص الجواسيس، التي تصلح لأن تكون عبرة لمن يعتبر. ومنها على سبيل المثال: أن القائد العسكري الشهير (نابليون بونابرت)؛ عندما شعر بالانكسار نتيجة خسارته في معركة (اسبرن)، طلب من ضباطه أن تكون المعركة استخباراتية، وبدأ ضباطه يبحثون عن جاسوس نمساوي يساعدهم على الدخول إلى النمسا، من خلال نقطة ضعف في الجيش النمساوي، وبعد جهد جهيد، وسعي حثيث، عثروا على رجل نمساوي كان يعمل مهربًا بين الحدود، واتفقوا معه على مبلغ من المال إذا هم استفادوا من معلوماته. فدلهم الخائن على منطقة جبلية يوجد فيها جيش نمساوي قديم، لكون المنطقة شبه مستعصية .وبالفعل.. تمكن الجيش الفرنسي من اقتحام المنطقة واحتلالها، وبعد أن استقر الوضع لفرنسا؛ جاء الخائن النمساوي لمقابلة (نابليون بونابرت)، فأدخلوه على الإمبراطور وكان جالسًا في قاعة كبيرة، وما إن رأى (نابليون) ذلك الجاسوس النمساوي؛ حتى رمى له بقبضة من النقود في صرة على الأرض؛ ليأخذها ثمن خيانته وجزاء أتعابه، فقال الجاسوس- كعادة أمثاله: سيدي العظيم؛ يشرفني أن أصافح قائدًا عظيمًا مثلك. فرد عليه نابليون: أما أنا فلا يشرفني أن أصافح خائنًا لوطنه مثلك. وانصرف الجاسوس، وبصق عليه نابليون من وراء ظهره..!!
وكان كبار القادة جالسون عنده، فتعجبوا من تعامل نابليون مع الجاسوس؛ على الرغم من أهمية الأخبار التي نقلها لهم؛ وكانت سبباً في انتصارهم. وسألوه عن السبب فأجاب (نابليون) بعبارة هي من أروع عبارات التاريخ الحديث عن الخائن والخيانة. ماذا قال..؟ قال:
(إن الخائن لوطنه، هو كمثل السارق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه، ولا اللصوص تشكره )!!
لا يوجد على وجه البسيطة أمريء لا يحب وطنه ولا يهب للدفاع عنه في أوقات الشدة والتصدي للأعداء ودحر الغزاة والطامعين والدفاع عن الأرض وشرف الآباء والأجداد .. وتسجيل البطولات الخالدة والوقوف في وجه من يطمعون في خيرات الوطن وسرقة ثرواته قديماً وحديثاً وكبح جماح من يسعى لتدميره وهدمه وإشعال الفتنة فيه .. وكثيراً ما يضحي المرء بحياته وعمره في سبيل رفعة شأن وطنه وأمته ليغدو بطلاً شهيداً يكتب اسمه بأحرف من نور في صفحات التاريخ والخلود .. تتذكره الأجيال جيلاً بعد جيل .. ليغدو مثلهم الأعلى في التضحية ونكران الذات يقتدون به في حياتهم وكثيراً ما يتمنى المرء أن يكون في مقدمة من يسطرون بدمائهم الزكية ملاحم خالدة في النضال في سبيل إعلاء شان الوطن واستقلاله دون أن يرضى بديلاً عن ذلك!!
و أعمال هؤلاء الخونة لن تمر دون عقاب وان أيدي العدالة طويلة ستنالهم أينما ذهبوا ومهما استمروا في غيهم وظلالهم فإن أعين الأمن مفتوحة و لن ترحمهم العدالة حيث تقف لهم بالمرصاد .. وسيقف لهم كل مواطن حر شريف صادق وأن مصير الخونة إلى زوال وثمن الخيانة كبير يجب أن يتحملها من باع ضميره ووجدانه وأدار ظهره للوطن والأمة!!

الوطن هو الأم والأب والابن والحبيب .. ومن يخون الوطن فقد خان كل هؤلاء .. إن خيانة الصديق أو الحبيب أثره على فرد .. أما خيانة الوطن فأثره على شعب بأكمله بأكملها .

إن خيانة الوطن جريمة كبرى لا تغتفر ويجب إنزال أقسى العقوبات بصاحبها .. خيانة الوطن لا تبرر .. لأنه ليس هناك أسباب مشروعه للخيانة .. ولما كانت كذلك .. فليس هناك درجات لها .. فأن كان للإخلاص درجات .. فالخيانة ليس لها درجات بل هي عمليه انحدار وانحطاط دون الخط الأدنى للإخلاص .. والعقاب على من يخون الوطن قديم قدم البشرية في كل الشرائع السماوية والشرائع الوضعية القديمة والحديثة .. فالخونة لا ينظر لهم بعين من الاحترام والتقدير بل ينظر إليهم بعين من الاستهجان والاستخفاف وبسوء الأخلاق وانحطاطها حتى من قبل الذين يعملون لصالحهم ويأتمرون بأوامرهم .

فأين هؤلاء من قول الشاعر :

وطني إن شغلت بالخلد عنه نازعتني عنه بالخلد نفسي
د. علوي عمر بن فريد