د. عيدروس النقيب يكتب:
الأتراك قادمون!
لم يعد خافياً على أحد ذلك النشاط المحموم لسلطة الباب العالي في منطقة بحر العرب وخليج عدن والبوابة الجنوبية للبحر الأحمر وما جاورها.
تلك الأنشطة والتحركات لا تأتي بمعزل عن المشروع العثماني الكبير، القادم بعباءة تركية علمانية معاصرة، ترتدي الكرفتة والبنطلون وتكتب خططها وأجنداتها بالأحرف اللاتينية، وهو المشروع الممتد من شمال سوريا إلى غرب ليبيا ومن منطقة الخليج العربي عابراً بحر العرب وخليج عدن حتى القرن الأفريقي.
قبل أشهر تداول ناشطو التواصل الاجتماعي مقطعا متلفزاً لسياسيٍ يمني كبير يمتدح فيه زمن الاحتلال التركي لليمن وينسب لهذا الاحتلال منجزات علمية وتكنولوجية وخدمية وأكاديمية صنعها العثمانيون أثناء احتلالهم لليمن، وهذا ليس مقام مناقشة صحة أو عدم صحة ما أورده ذلك السياسي الرسمي.
كان يمكن لهذا المقطع أن يمر مثله مثل آلاف المنشورات والمقاطع والوسائط التي تتناقلها وسائل التواصل لو لم يكن صاحبه هو الذراع الأيمن لنائب رئيس الجمهورية اليمنية وصاحب صفة دبلوماسية رفيعة في دولة السلطان العثماني الجديد.
الدعوات الرسمية للتدخل التركي في اليمني لا تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الصحفية وصفحات الدردشات الجماعية بل لقد قام وزراء في حكومة الشرعية بزيارات رسمية إلى اسطنبول وعقدوا صفقات مع نظرائهم الأتراك وبدأت التحركات التركية في سقطرة والمهرة وبعض مناطق شبوة، تارةً تحت يافطة الجمعيات الخيرية والإغاثية وأخرى تحت ذريعة البعثات الإعلامية.
ولنا أن نتذكر أن التدخل التركي في ليبيا بدأ من خلال جمعيات خيرية، ونعلم كلنا أين أوصل الأتراك القضية الليبية وكم من الدواعش والإرهابيين تم استقدامهم لصب المزيد من الزيت على نار الأزمة الليبية المشتعلة أصلا.
هذه الرسالة ليست للشعب الجنوبي وقواه السياسية الحية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي فهم يدركون الكثير من خفايا الأجندة العثمانية ويرفضونها بوسائلهم الزهيدة، لكنها (أي الرسالة) موجهة بشكل أساسي إلى الأشقاء في التحالف العربي وأخص هنا الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومعهما جمهورية مصر العربية.
الأتراك لن يقولوا لنا ولكم هذه ساعة الصفر والآن سنبدأ التدخل، فلقد بدأوا ومن لم يكتشف تدخلهم بعد فلن يكتشفه إلا بعد أن ينشئوا مليشياتهم، الموجودة أصلاً، ويعلنوا الحرب على اليمن، شمالا وجنوبا وعلى كل دول المنطقة، وحينها "لاتَ ساعة مندم"، ما لم تسارعوا في قطع الوريد العثماني قبل تمدده إلى كامل الجسد الذي تريدون استعادته من غاصبيه الحاليين والذي قد يختطفه أردوجان قبل أن تستعيدوه.
ولله الأمر من قبل ومن بعد