د. عيدروس النقيب يكتب:

رسالة إلى عقلاء التجمع اليمني للإصلاح (3)

طوال الأسبوعين الماضيين تلقيت مئات التعليقات والرسائل حول ما تناولته عن التجمع اليمني للإصلاح، ومعظمها تؤيد ما قلته وبعضها يضيف الكثير من المؤيدات والتأكيدات، لكن بعضاً من الملاحظات تهجمت على شخصي وبعضهم لجأ إلى السب والشتم وكيل الاتهامات بالخيانة والعمالة كالعادة، وزميل سياسي وبرلماني مشهور افترض أني مريضٌ ودعا لي بالشفاء وسررت لدعائه وشكرته عليها فما من أحدٍ منا إلا ولديه من الأدواء ما يشكو منه.
يعتبر الزملاء في التجمع اليمني للإصلاح القول بأنهم الممسكين بالسلطة (حتى وإن كانت في المنفى) يعتبرونه شتيمةً ولذلك يهاجمون كل من يقول أنهم هم الحزب الحاكم، ولن أعود لتكرار ما تناولته في الوقفتين السابقتين لتأكيد أن ما من قرار صغير أو كبير يصدر عن رأس السلطة الشرعية وجميع افرعاتها إلا ويمٌرُّ بالمطابخ السياسية الإصلاحية، لكنني سأتوقف هنا عند الأسباب التي لا تؤهل الإخوان الإصلاحيين لأن ينجحوا في قيادة مشروع دولة (أي دولة، ناهيك عن دولة مدنية قديمة أو حديثة) والوصول بها إلى بر الأمان.
سأشير هنا إلى مجموعة من الأسباب التي تجعل حزب الإصلاح حزباً غير مرغوب فيه في الشمال والجنوب على السواء وغير مؤهل لتصدر المشهد السياسيي ما لم يتخلص من هذه الأسباب وأهمها:
1. الديماغوجية السياسية والدينية: حيث يعتمد الإخوة في الإصلاح على سلاح الإعلام والخطاب التديني لتسويق وتمجيد أفكار وشعارات ومواقف لا تستحق التمجيد وأحيانا تستحق الإدانة، وبالمقابل إدانة مواقف وسياسات حكيمة وصائبة والتشهير بمتبنييها لا لشي إلا لأنها لا تناسب توجههم السياسي ولا تراعي مصالحهم المادية والسياسية والمعنوية، وفي هذا السياق يهونون من الويلات ويهولون الصغائر حسب الحاجة والظرف الملموس، ويمكن التوسع بإيراد عشرات الأمثلة على هذا النهج.
2. حتكار الدين والتدين وممارسة الوصاية على عقائد الناس وضمائرهم، وقد عرفنا مراراً حالات ومواقف سياسية حوَّل فيها الإخوان خصامهم السياسي مع هذا الطرف أو ذاك إلى نزاع ديني وتسخير الدين لمحاولة سحق الخصم وتحويله من عدو لهم وحدهم إلى عدو لله والدين وجميع المسلمين، وقد حصل هذا في صراعهم مع الحركة الوطنية في الشمال إبان السبعينات وبداية الثمانينات ثم مع الحزب الاشتراكي اليمني قبيل وبعد مايو 1990م، ثم مع الرئيس علي عبد الله صالح في العام 2011م وما زلت أتذكر ‘حدى جمع شهر مارس 2011م، عندما اعتلى المنصة الدكتور عبد الوهاب الديلمي في ساحة التغيير ليعلن أن الوقوف في وجه نظام علي عبد الله صالح هو فرض عين ، والمبتدئون في أمور الفقه يعرفون معاني تلك المفردات، فرض العين وفرض الكفاية، والمفاسد الكبرى والصغرى وغيرها مما يتكئ عليه الخطاب السياسي للإخوة الإصلاحيين، والديلمي هنا يكرر ما جرى في 1994م في الموقف من الجنوب والحزب الاشتراكي اليمني، وهذه قضية سنتناولها في مكان آخر، والأمثلة كثيرة.
وللحديث بقية