صلاح السقلدي يكتب:

غريمنا الأول هو هذا

الخلاف المحتدم بين المجلس الانتقالي الجنوبي والسلطة المسماة بالشرعية ليس مبررا للسعودية وللتحالف أن يحجب مرتبات الناس أو يتجاهل الأمر بذرائع تعدد الجهات وتفاقم الخلافات أو يتنصل عن القيام بواجباتهم القانونية والأخلاقية بتوفير الخدمات وفرض الأمن وسائر الحقوق المشروعة التي تكفلها القوانين والمواثيق الدولية بصرف النظر أن كانت هذه المرتبات والخدمات بيد هذه الجهات المحلية، أعني الشرعية والانتقالي( بكل مساوئ وفساد الاولى، ومبررات وإخفاق الثاني)، فهذا التحالف ملزما أن يوفر ما عليه من التزامات وواجبات، خصوصا وأن هذه الجهات لا ترفض له أمرا بل وأنها تقتات من خزائنه ،فهو المعني قبل غيره بأحوال الناس حتى وأن كان من خزائنه طالما وقد تصدر القيام بدور الامم المتحدة وتعهد لها بالإشراف على الحالة اليمنية في بلد هو أصلا يخضع للفصل السابع من ميثاق الأمم، وجميعنا يعلم ماذا يعني هذا الفصل من واجبات وحقوق للبلد الذي يقع تحت طائلة بنوده القاسية، كما نعرف ماذا يجب على الجهة الدولية المشرفية والمعنية على تنفيذه، وهي في هذه الحالة المملكة السعودية والتحالف الذي شكلته قبل سنوات وتعهدت وتعهد من خلفها التحالف للمجتمع الدولي ولليمن أن يضطلع بالمهمة الأممية وبتنفيذ قراراتها وفصلها السابع ويتحمل بالتأكيد تبعاتها والتزاماتها على عاتقه، وبالتالي فالناس في عدن وسائر الجنوب، وحتى في الشمال وبالذات بالمحافظات الغير خاضعة لسلطة صنعاء لا يعرفون أحدا مسئولا عن حفظ حقوقهم وتوفير خدماتهم وصون دمائهم وأعراضهم وكرامتهم ولا أحدا مسئولا عن اهدارها وضياعها سوى هذا التحالف طالما وهو ما يزال يتبنى مهمته حتى اللحظة وطالما ما يزال هذا الوطن فاقدا لسلطة مركزية قادرة على حمايته وصون حقوقه، برغم ما يقال عن وجود سلطة شرعية وحكومة هي في الأصل افتراضية، وفي الاساس هي اداة طيعة لهذا التحالف ولهذه المملكة الثرية، وكذا الحال ينسحب على الانتقالي الجنوبي الذي يزغم سيطرته على الأرض، فيما هو لا يقوى على دفع راتب شهر للموظفين كونه لم يتحول بعد الى سلطة سياسية فعلية يمكن أن نلقي عليها اللوم، كما انه لم يحز مصادر الثروات والموارد المالية الكافية حتى وأن زعمت بعض قياداته، ومع ذلك فهو والشرعية غير معفيان من المحاسبة وإن كان بقدر أقل مما يتحمله التحالف،والسعودية بالذات، وبالتالي يظل المسئول على توفير الحقوق بكل أشكالها هو التحالف والمملكة بدرجة أساسية، فليصرفوا أو ينصرفوا ومن ثم سيكون للشعب مقام ومقال مع القوى المحلية الشرعية والانتقالي وغيرهما، الذين لا نبرئ ساحتهما بالمطلق ولكنهما يظلان غريمان مؤجلان طالما بقيت اليد الطولى ممدودة فوق الكل هي يد للغريم الرئيس (التحالف)،ولنا في بقاع الأرض حالات مشابهة لهكذا حالة، فمثلا الدول التي اخذت مهمة تنفيذ قانون الوصاية الأممية الذي اصدرته عصبة الامم لحماية الشعوب الضعيفة بالقرن الماضي مثل دولتي بريطانيا وفرنسا وحتى الدول الاستعمارية اليوم كإسرائيل جميعها قامت وتقوم بواجباتها تجاه القانون الدولي وتجاه الشعوب الضعيفة والقابعة تحت الاحتلال كفلسطين المحتلة.

*صلاح السقلدي.