د. عيدروس النقيب يكتب:

اتفاق الرياض والأفق المسدود!

لا تلوح في الأفق اية مؤشرات يمكن ان تبعث على التفاؤل بإمكانية تنفيذ اتفاق الرياض لا بصيغته السابقة، التي احتوت بداخلها عوامل فشلها، ولا بالصيغة التي يتطلع الجنوبيون (أصحاب الشأن) إلى تضمينها ما يؤمن عدم تعرض أرضهم وديارهم للغزو بأشكاله المختلفة وعم تعرض أبنائهم للقتل والاغتيال على أيدي قتلة الشرعية ومأجوريها.

 

كل الحجج التي يتشبث بها (الشرعيون جداً) لا تتكئ إلا على مبررٍ واحدٍ وهو انهم يقيمون مع الرئيس في المنفى الاختياري، ويعتقدون أن هذا يكفي لتقمصهم دور “الشرعية” والحديث باسمها وممارسة الموبقات تحت مظلتها وتحقيق الهزائم المنكرة نيابةً عنها، لكنهم يقفزون على جملة من الحقائق التي تجعل “شرعيتهم” عند درجة الصفر وربما عند ما دون ذلك الصفر.

 

من هذه الحقائق:

* إنهم فشلوا في جميع المسؤوليات الملقاة على عواتقهم: فلا هم حفظوا أمناً، ولا هم أقاموا عدلاً ولا هم حافظوا على حقوق المواطن، ولا هم وفروا خدماتٍ ولا هم حققوا مثقال ذرة من النجاح لصالح الشرعية وضد الانقلاب، فما الذي تبقى لهم ليتقمصوا دور الشرعية؟

لقد سلم الشرعيون حوالي ربع مساحة الجمهورية العربية اليمنية من المدن والمعسكرات والمواقع ومخازن الاسلحة والذخائر والعتاد والمواد الغذائة (الطازجة والمشوية) لقوات الحوثي التي يفترض أنهم يحاربونها فضلاً عن خذلانهم لأبناء بعض المديريات التي حاولت التمرد على الانقلابيين كما في مديريات عتمة وحجور وردمان.

وفي تمردٍ واضح وخرق فاضح لاتفاق الرياض، وبدلاً من حشد كل القوات والأسلحة والفيالق المسلحة باتجاه العدو الذي اختطف الدولة والعاصمة، حرفوا فوهات بنادقهم ومدفعياتهم باتجاه أبين والحجرية – الصبيحة، وحشدوا عشرات الآلاف في شبوة وابين والتربة استعداداً لحلمهم القديم المتمثل بتكرار غزو عدن بالقوة المسلحة بدلاً من غزو صنعاء واسترجاعها من أيدي الانقلابيين الحوثيين.

 

تعالي الأصوات (الشرعية) المنادية بالتدخل التركي في اليمن في إطار مسلسل بعيد المدى يهدف إلى استبدال التحالف العربي بالتدخل التركي، الذي نجح بالتناسق مع المشروع إيراني في تدمير سوريا والعراق، ويراد له أن ينقل نجربته في سوريا وليبيا والعراق إلى اليمن.

فعن أية شرعية يتحدث هؤلاء وأية شرعية يمثلون او يمتلكون؟ وكيف يمكن ائتمان هؤلاء على نصف الحكومة التي لن تدير غير الجنوب، بعد أن خانوا الأمانة ورجحوا كفة الطرف الانقلابي، وخذلوا التحالف العربي الذي يأويهم ويطعمهم ويشربهم ويكسوهم ويفعل معهم اكثر مما يفعل الأب مع ابنائه القُصَّر؟.

لقد سقط اتفاق الرياض بصيغته السابقة، واسقطه هؤلاء بمماطلتهم وغدرهم ونواياهم السيئة تجاه الطرف الجنوبي الموقع معهم على تلك الصيغة، ولم يتبقَّ أمام الأشقاء الرعاة إلَّا تعديل الصيغة لتغدو قابلة للتطبيق بحسم التحالف وردعه للمتلكئين والمحتالين، وتجار الغش والخديعة وذلك من خلال:

١. تعديل الاولويات والبدء بتشكيل حكومة الكفاءات قبل أي قضية أخرى لتقوم هي بتنفيذ بقية البنود.

٢. أن تكون حكومة الكفاءات مناصفة بين المجلس الانتقالي ورئيس الجمهورية، ومن وزراء ونواب جنوبيين ممن لم يتورطوا في الصراعات والجرائم المرتكبة بحق المواطنين الجنوبيين واملاكهم وأموالهم وثرواتهم.

٣. أن يتم نقل جميع القوات الشمالية المنتشرة في الصحاري والاودية والمدن والبلدات الجنوبية لمواجهة المشروع الحوثي واستعادة المحافظات الشمالية بما في ذلك العاصمة صنعاء وذلك هو الهدف الأساسي الذي أنشئ من أجله التحالف العربي وجاءت عاصفة الحزم.

٤. فتح تحقيق شفاف وشامل من قبل الأشقاء في دول التحالف في ما يتعلق بالموقف من الجماعات الإرهابية وكشف الحقيقة عن مناطق وجود وانتشار واختباء وتموين وتمويل ورعاية تلك الجماعات، وإشهار الحقيقة للرأي العام اليمني والإقليمي والعالمي.

٥. التصدي للمشروع العثماني الجديد في اليمن ومحاسبة المروجين له ومتبنييه ومن يمهدون له الطريق لزعزعة أمن المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الشقيقة (بلاد الحرمين) المستهدفة من قبل المشروعين التركي والإيراني، المشروعين الذين يسعيان لنقل تجربتهما في تدمير سوريا والعراق وليبيا ليستنسخاها في منطقة الجزيرة والخليج بدءً بجنوب اليمن ثم الانتقال إلى أرض الحرمين.

هذه المقاربة يمكن أن تكون قابلة للتنفيذ ونجاحها يتوقف على اقتناع مختطفي الشرعية بأنهم لم يعودوا يمتلكون أي حق في التدلل على التحالف العربي ولا على الشعب الجنوبي ولا حتى على الشعب الشمالي الذي يكتوي بنيران الاوجاع والمرارت بسبب خيباتهم، كما يتوقف على اقتناع الأشقاء في التحالف بأن الرهان على ذلك الحصان الأعرج الخاسر على مدى ست سنوات لن يضيف إلا مزيداً من الأعباء المادية والمعنوية والدبلوماسية على كاهل دول التحالف التي أنهكها هذا الحصان في كل السباقات ولم يحقق لرهاناتها سوى الإخفاقات والخسائر.