د. عيدروس النقيب يكتب:
حكاية صديقي العم هبة الله شريم
كثيرون باستثناء الزملاء أعضاء مجلس النواب (طويل العمر) لم يسمعوا عن النائب هبة الله علي شريم، إلا من خلال ولديه الوزير العزي، والمستشار عصام.
هبة الله شريم شخص بسيط حقاً لكنه ذكيٌ جدا وشاعر فصيح بامتيار.
حاولت ذات مرة ان أداعبه فقلت
هبةُ اللهِ في بلاد السلامِ
يتهادى بخفّةٍ وانسجامِ
فرد عليَّ على الفور
هبة الله في بلاد اللئامِ
يتلوى بوعكةٍ في العظامِ
وكان ذلك على سبيل الدعابة.
العم هبة الله وولداه العزي وعصام توزعوا الادوار، فالاب الرائع المتواضع اللطيف بقي في صنعاء عضواً في مجلس النواب الموالي للحوثيين.
والعزي أبحر إلى عدن ملتحقاً بالرئيس هادي عندما كان وزيرا للمياه والبيئة في حكومة الأستاذ بحاح، وما يزال يحتفظ بمنصبه.
أما عصام فقد بقي في الحديدة رئيسا لفرع المؤتمر الشعبي العام بديلا لرجل الأعمال الزميل عبد الجليل ثابت، وبقي يردد الصرخة حتى ٤ ديسمبر ٢٠١٨م، يوم مقتل الزعيم على ايدي أصحاب الصرخة، ثم التحق بالشرعية في الرياض، ليعينة الرئيس هادي (الكريم كعادته) مع من يسيؤون إليه، عضوا في مجلس الشورى، والبارحة أطل علينا من على قناة الجزيرة يتحدث عن المؤامرة الإماراتية والتواطؤ السعودي وخضوع الرئيس هادي للإملاءات المفروضة عليه من التحالف العربي.
ولم يتردد عن التبرير للذين يدعون للتدخل التركي في اليمن، وقال:
إذا كان التحالف العربي سيدمر اليمن ويفككه فنحن سندعو اردوجان والف اردوجان.
وعندما سأله المذيع عن رأيه في كيفية الخروج من حالة المراوحة في الجنوب قال بلا تردد:
- على قوات الشرعية ان تحسم الأمر وتقتحم عدن بالقوة العسكرية وتنهي المخطط الإماراتي،
طبعا لم يقل على الشرعية أن تعد العدة لإسقاط الانقلاب واستعادة العاصمة صنعاء ومعها استعادة الدولة المخطوفة، بل قال لاقتحام عدن، وكيف له أن يتجرأ على الانقلابيين ويذكر صنعاء وهي بيد احبابه الذين ردد معهم الصرخة على مدى ثلاث سنوات ونيف؟؟؟!!!
وفي تأكيد لبقاء العلاقة الحميمة مع الحوثيين، اختتم المستشار حديثه بالقول إن الحوثي على حق عندما يقول أن التحالف جاء لتدمير اليمن.
حالة العم هبة الله علي شريم تمثل تلخيصا لحالة معظم العائلات السياسية في الشمال، فالعائلة التي فيها سياسيان يذهب احدهما مع الشرعية والثاني مع الحوثي، وإذا كانوا ثلاثة يذهب الثالث مع الإصلاح المؤيد للشرعية، وإذا كانوا اربعة يذهب الرابع مع الإصلاح المؤيد للتدخل التركي، أما إذا كانوا خمسة فيذهب الخامس للإقامة الدائمة في قطر، وهكذا فهناك المؤتمر المؤيد للحوثيين، والمؤتمر المؤيد لطارق صالح واحمد علي، وهناك الإصلاحي المؤيد للشرعية والإصلاحي الذي يحاور الحوثيين في صنعاء ويعقد معهم الاتفاقيات، لكن تنبغي ملاحظة أن لا أحدًا من هؤلاء يواجه أخاه أو اباه بل يحافظ عليه ويبرر له مواقفه.
هل عرفتم لماذا لم تنتصر الشرعية ولن تنتصر؟ ولماذا تتنامى انتصارات الحوثيين وتتسع رقعة نفوذهم؟
باختصار لأن المتواجهين إخوة أو آباء وأبناء وفي ابعد الحالات بني عموم، وعندما يُهزَم طرفٌ فإن المنتصر قريبه وأهيلة وسيناله حصته من النصر ولا شيء من الهزيمة التي هي حكرا على رمز الشرعية ورئيسها الذي أوقعه الله في هذه المعادلة الجهنمية ذات المجاهيل المتعددة والمعطيات القليلة والمتلونة وما تنتجه من هذا الوضع التراجوكوميدي.