د. عيدروس النقيب يكتب:

دولة الإمارات وقصة المسبار والمسمار

انشغل إخوان اليمن بقصة المسبار الإماراتي الذي انطلق لسبر أسرار سطح كوكب المريخ ونسوا الانقلاب الحوثي ونسوا بلداتهم وقراهم وأهلهم وناخبيهم وداعميهم وأعضاءهم واستثماراتهم في الداخل ومعركتهم (المفترضة) للدفاع عن الشرعية وإعادتها إلى صنعاء.
يقول العرب “لا تُرجَم إلا الأشجار المثمرة” وعندما يكون الراجمون جماعة أفلست في كل شيء، ترددت في الثورة على الطغيان وعندما شاركت في الثورة أفسدتها وحولتها إلى طغيان أسوأ من ذلك الذي ثارت ضده، ادعت دعم الشرعية فاحتوت الشرعية وحولتها إلى غنيمة بيدها، ادعت محاربة الانقلاب لكنها سلمت الانقلابيين المعسكرات والمواقع الاستراتيجية مع الأسلحة والذخاير وراجمات الصواريخ التي تلقتها دعما ممن الأشقاء، وتنازلت عن المحافظات التي حررها أبناؤها، وحاربت المقاومة الحقيقية ونست الانقلاب والانقلابيين، استحوذت على المناصب (المهاجرة) واستولت على الإغاثات والإعانات وحولتها إلى وسيلة للكسب الحزبي والاتجار والاستثمار، فشلت في كل الامتحانات، ثم تقول عن دولة ناجحة في كل معايير الحكم والنظام والقانون والعلم والتكنولوجيا والرفاهية والسمعة الدولية بأنها “دولة هشة” أو إنها “لم تصنع مسمارا من المسبار”، عندما يكون الراجمون هم هؤلاء فأهلا بالرجم والراجمين.
لو أن الولايات المتحدة أو اليابان أو الصين أو حتى كوريا الجنوبية أو سنغافورا تندرت على الرحلة الإماراتية إلى سطح المريخ، لقلنا أن المسألة فيها نظر، رغم أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتفوق في كثير من المعايير الدولية على بعض هذه الدول، لكن المشكلة عندما يكون المتندرون هم جماعة هاربة من ديارها، تسلمت الحكم ولم تفلح في حماية سوق للخضار ولم تبن وحدة صحية في قرية لعلاج عشر أسر من ذوات الخمسة أفراد، ولم تنجح في الحفاظ لا على عاصمة البلد ولا حتى على عاصمة محافظة أو مديرية أو حارة في قرى قادتها، فإن الأمر يتعدى التراجيديا والسريالية والكوميديا إلى ما هو أبعد من مسرح العبث (Absurdism) وفن اللامعقول (Irrationalism).
دولة الإنمارات العربية المتحدة لا تحتاج إلى من يعمل لها الدعاية فسمعتها الدولة ومستوى الرفاهية فيها ومعدل النمو والدخل القومي وميزان المدفوعات والنظام القضائي وغير ذلك من المعايير فيها هو من يقدمها للعالم ليحكم عليها ويجري المقارنة بينها وبين المتندرين عليها، لكنني أتعجب من غياب فضيلة الحياء لدى بعض المتندرين الذين لم يجدوا ما يفاخرون بها فراحوا يتندرون في المكان الخطأ وعلى الجهة الخطأ وفي الزمان الخطأ.