صلاح السقلدي يكتب:

فعالية لودر..شكراً

بصرف النظر عن العدد المشارك فيها وبمحدودية المساحة الجغرافية، أو أنها كانت مجرد ردة فعل على فعاليات جنوبية في حضرموت والمهرة.، فقد أكدت فعالية لودر التي نظمها الكيان الموالي للسلطة ( الأئتلاف الوطني الجنوبي) أن لا علاقة بين اسم الكيان المنظم لها وبين شعارات الفعالية ( وحدة وحدة حتى الموت) ، ولا بين الرايات التي رفعتها ( أعلام اليمن ) وبين غياب علم الجنوب، وهو الأمر الذي جلـبَ لبعض أعضاء هذا الكيان شيئا من الإحراج . ومع ذلك فثمة ما يستحق الاحتفاء به والاشارة إليه:

أن الفعالية التي كانت وحدوية بامتياز- على الأقل ظاهرياً- قد كشفت بوضوح لا لبس فيه التوجّـــه السياسي لأصحاب هذا الكيان بانه مع الوحدة اليمنية بوضعها الحالي، الذي يرفضه أغلبية الجنوبيون ،والذي فرضته عليهم قوى حرب 94م هذا الوضع الجائر الذي اعترفت بظلمه وقبحه معظم هذه القوى بأنه وضع غير سوي ووضع احتلال صريح . كما ابانت لنا هذه الفعالية أن مسمى الأئتلاف الجنوبي ليس له من أسمه نصيب أبداً، وأن اسم الجنوب ليس أكثر من ستار يتم التخفي خلفه وإقحامه عنوة لحاجة في نفس الجهة المنظمة على شكل مهزلة سمجة. فتزييف المواقف وانتحالها مشكلة تصيب الحق وأصحابه، كما أن الوضوح بالمواقف يضع الأمور في نصابها الصحيح ويوفر على الكل عناء البحث خلف الأقنعة ، حتى و أن تباينت هذه المواقف.

وهذا الوضوح الذي منحتنا إياه هذه الفعالية مشكورة سيسقط الأقنعة السياسية وسيزيل الالتباس والتشويش المتعمّــد الذي يقوم به البعض بانتحال اسم الجنوب وقضيته وتوظيفها بطريقة الخفة والحذلقة لمشاريع سياسية لا تؤمن بالمطلق بالقضية الجنوبية، بل أن هذا البعض ما يزال عالقا عند مرحلة الوحدة أو الموت،و التي بات فيها اليوم هذا الشعار يخجل منه أصحابه الأصليين الذين اطلقوه في لحظة نشوة نصر زائف، برغم ما يعلنه هذا البعض في الإعلام من شعارات جنوبية مخادعة.

ومع ذلك لا نسجّــل لوماً لأصحاب هذه الفعالية بما فيه قناعتهم الوحدوية، ولا نقلل من حجمهم أبداً، فالكل شركاء ببناء الوطن -أي كان شكل هذا الوطن-، بقدر ما نأمل منهم الوضوح أكثر بمواقفهم السياسية بما فيها قناعاتهم الوحدوية بعيدا عن ازدواجية المواقف وعن الخداع الذي يحركه كما هائلا من المناكفة ... نقول أنه ليس من حق أحد أن يصادر قناعة أحد فردا كان أو كياناً، ولكن قليلا من العقلانية مطلوبة في وقت استثنائي كهذا، فلا يعقل التطرف بالمواقف، ومنها المواقف الوحدوية - من جانب جنوبيين للأسف- في وقت ما تزال فيه القضية الجنوبية دون حل عادلا، وما تزال فيه كثير من قوى الاحتلال ترفض الاعتراف بقضية عادلة بهذا الحجم وترفض أية شراكة بأية تسوية سياسية قادمة، بل وتتوعد كل الجنوب بالويل والثبور. فمن المؤسف أن يخجل الشماليون من هكذا شعار مدمر( الوحدة أو الموت)، ومن هكذا وحدة (هي اشبه بخرابة) وصفها علي محسن الأحمر بأنها احتلال للجنوب، فيما نجد جنوبيين يهتفوا لها ويبذلوا من أجلها أموالا طائلة.

نعم مرة أخرى... شكرا فعالية لودر:

دون أن يقرأ مضمون مقالتي السابقة:( فعالية لودر.. شكرا) استعجل صديقي بالحُــكم على المقالة ،مكتفياً على ما يبدو بقراءة العنوان، وذهب يقرعني على تأييدي (المفترض) للفعالية، مستغربا من كلمة ( شكرا). نعم يا صديقي شكرا وألف شكرا لفعالية لودر، ليس فقط للأسباب التي أوردتها في سياق المقالة السابقة، بل شكراً لها أيضاً لهذه الأسباب:

    -أولاً: أن القوى الشمالية ومعها الفئة الجنوبية - المنضوية تحت لواء السُــلطة – قد اعتبرت هذه الفعالية مؤشرا على التأييد الجنوبي للوحدة، وهي بذلك لا بد لها مرغمة أن تقبل بوضع الفعاليات الجنوبية المؤيدة للقضية الجنوبية والرافضة لهكذا وحدة والتي خرجت حشودها الكبيرة في عموم الجنوب بما فيها لودر ومودية وحضرموت والمهرة موضع المقابلة والمقارنة بفعالية لودر من حيث عدد المشاركين ومن حيث مساحة الانتشار الجغرافي من اقصى شرق الجنوب الى أقصاه ، وسيرى العالم الصورة بأوضح صورها وستبدو كفتـيَّ الميزان أيهما الأرجح ، دون تزييف أو انتقاء. فأن كانت فعالية لودر دليلا على التأييد للوحدة فعن ماذا تعبّـــر عشرات الفعاليات الجماهيرية الضخمة من الغيضة شرقا الى عدن ولحج غرباً ليس فقط بالآونة الأخيرة ولكن منذ سنوات طويلة إن عملنا جردة حساب وشيء من المقارنة وفقا لهذا المعيار ؟.سؤال مُـــحرج ولكنه منطقي، فالشيء بالشيء يُــذكر.

   -ثانيا: أن فعالية لودر بمحافظة أبين قد أسقطت الزعم الذي يروج له البعض بأن الجنوب بات برميل بارود قابل للانفجار في أية لحظة، فمدينة لودر التي شهدت احتفالية اليوم هي ذاتها التي شهدت قبل أربعة أيام احتفالية حاشدة مؤيدة للقضية الجنوبية وكذا في مديرية مودية بذات المحافظة، دون أن تشهد المدينة (لودر) أية مواجهة، وهذا يعني كذلك بأننا أصبحنا نقف على أرضية صلبة الى حد ما في قبولنا ببعضنا بعض، هذا فضلاً إن هذه الفعالية وفعاليات عدن بالأيام القليلة الماضية تعد مؤشرا على تقلص حالة الرفض للآخر والتخلي عن الآناء الفائضة، ولا نقول اختفاءها كليا – على الأقل هي أفضل بكثير من أقرب تجاذب جماهيري عسكري عنيف نشاهده هذه الأيام كالذي يجري في تعز .

   -ثالثاً: الفعالية قد فتحت الباب أمام الجميع بمن فيهم السلطة وجعلتهم يحتكمون للشارع الجنوبي من المهرة شرقا الى طور الباحة غربا، فيما يتعلق بموضعي الوحدة أو استعادة الدولة الجنوبية، وهو الأمر الذي ظلت هذه السلطة تتهرب منه مرارا، لمعرفتها بالنتيجة مسبقاً كاستفتاء شعبي صريح.

 حيث سيكون من المخجل لهذه السلطة أن ترى في الفعاليات الجنوبية المناهضة لها في قادم الأيام خروجا عن القانون وتصرفا يهدد السلم يجب التصدي له بالقوة والبلطجة كما حدث في المهرة مؤخرا. فتأييد السلطة لفعالية لودر قد اسقط من يدها هذا المبرر وهذه الأدوات المتوحشة .

    -رابعا : أن هذه الفعاليات الجماهيرية بالجنوب - مؤيدة ومعارضة - ستكون رغما عن السلطة والانتقالي هي البديل عن الحروب العسكرية - التي نراها بين الحين والآخر - في تقرير وتحديد مصير الجنوب باعتبار هذه الفعاليات- وفقا لإعلام السلطة في تعاطيها مع فعالية لودر- هي المؤشر الحقيقي عن وحدوية أو انفصالية الجنوب.

   -خامسا: أن حجم وشعبية أي كيان جنوبي -بما فيه بالطبع الكيانات الموالية للسلطة - سيحدده الحضور الجماهيري في عموم الجنوب كله دون تقوقعه في مديرية بعينها، وفي حواضر المحافظات بالذات، وفي عدن والمكلا على وجه التحديد، باعتبارهما المدن الأكثر تعددا وتمازجا بالانتماءات الجغرافية والسياسية والفكرية والاجتماعية يصعب تزييفه أو انتحاله أو التفرّد به.

                       فلله الحُــجّــة البالغة