علي أبو الريش يكتب:
استغلال بشع للقضية الفلسطينية
يبدو أن البعض من بني العروبة أدمن على الكذب، بل وصار الكذب حليب المراضع الصناعية، لأناس فقدوا أمومة الحقيقة، وصاروا يلهثون وراء كل ما هو وهمي، وكل ما هو خرافة. لقد تابعنا باهتمام بالغ ما رغت به إبل الشعارات الصفراء، وما ثغت به الأيديولوجيات المريضة، واستمعنا إلى كلام أشبه بالقيء، وأحاديث أقرب إلى الغثيان، والكل منهم يضرب على صدره، بعنفوان التاريخ الذي لوّن حياتهم بحجب السواد، ومرّغ أفكارهم بحثالة القهوة الباردة.
هؤلاء يتباكون على القضية الفلسطينية، ويندبون كما تفعل الأرامل، والثكالى، ولكن لنسأل هؤلاء (الأشراف): لقد احتلت إسرائيل الأرض الفلسطينية، منذ الألف وتسعمئة وثمانٍ وأربعين، والعالم العربي من مشرقه إلى مغربه يندد، ويشجب، ويستنكر هذا الاحتلال، ولم ندع كلمة شتم، وسب في القاموس العربي إلا واستدعيناها، وأيقظناها، وطلبنا منها أن تعيننا على هزيمة إسرائيل، وكل ذلك لم يجدِ، ولم تحرك إسرائيل ساكناً، بل على العكس من ذلك، فهي تتمدد، لا تتحدد، وتهدد، وتتوعد، وتنتصر في حروبها، والبعض منّا لم يزل يتحدث عن الصمود، والقادة في غزة يختبئون في الخنادق، ويرسلون الأطفال في العراء ليواجهوا القوة العسكرية الإسرائيلية، وحتى الذي يكمن في جحور الجنوب اللبناني، فهو يتصدى لإسرائيل عبر تصريحات رنّانة، ويتغنّى في حرب الألف وتسعمئة واثنتين وثمانين، بينما الحقيقة تقول إن إسرائيل دمّرت لبنان برمّته في تلك الحرب، ولم يبق إلا حزب الله، وهذا سؤال يحتاج من نصر الله أن يجيب عليه.
المهم في الأمر، نقول: ما عجزت الأبواق عن أن تظفر به تمكّنت الإمارات من أن تحظى به، وعلى كل محتج أن يقوم بدوره البطولي، ويحارب إسرائيل إن استطاع، وينتصر عليها، ويحقق النصر للمغلوب على أمرهم من أطفال فلسطين والذين فقدوا الماء، والغذاء والدواء والتعليم، وظلّوا عالقين في الأرض الخلاء، يواجهون إسرائيل بصدور عارية، بينما القادة (العظام) يندسون خلف جدر عالية، ويطلقون حروبهم الوهمية عبر مكبرات الصوت.
الفلسطيني القابع في بيوت مهددة بالإزالة، لا يحتاج إلى مزيد من التجييش الوهمي، بقدر ما يحتاج من يعيد له بيته، ولقمة عيشه الكريمة، ومن دون معارك «البلايستيشن»، أو المشي على حبال زلقة. لقد شتمنا إسرائيل عشرات السنين، ولم نظفر إلا بمزيد من الخسائر الفادحة، فلماذا لا نفكر من دون كذب، ومن دون سباب؟!