حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):

غباء أم استراتيجية ممنهجة؟

عند مناقشة أي طارئ ، أو تداول أي جديد ، تتضارب وجهات نظر الناس في مجتمعنا وتنقسم آراؤهم إلى رأيين لا ثالث لهما ، واحد مؤيد بتعصب شديد ، و آخر معارض بتطرف وتخوين ، كما حدث مع تعاطي الكثيرين مع قضية الدعم السخي الذي وزعته وزارة الثقافة -في عّز  زمن كورونا وجائحته التي أداقت فئات عريضة من المجتمع المغربي طعم البؤس والحاجة والخوف- الذي أجج جدالات بزنطية عقيمة لا تستند إلى قراءة متأنية ، ولا إلى رؤية ناضجة متزنة تتوخى الحقيقة المنزهة عن عاطفة الفرز الحزبي والتصنيف الأيدولوجي ومغالبة الحق بالباطل ، الذي يحجب العقل ، ويغطي صوت الحكمة، ويستبد بمنافذ التصدي لجوهر المشاكل ، ويعمق تشابك خيوطها ، ويحيد بها عن النقاش الجاد والبناء ، وخاصة حين يتعلق الأمر بحرمة المال العام ومسؤولية حمايته -التي لا تقتصر على الدولة وحدها، وتقع على عاتق كل فرد من أفراد المجتمع – الذي توجه به عديمي الأخلاق والتافهين فكريا وسياسيا وثقافيا ومعرفيا وسلوكيا واجتماعيا الذين يسمون بالذباب الإليكتروني، إلى استصدار حق كل محب لوطنه غيور على ماله العام ، من التعبير عن رغبته في صونه والحفاظ عليه ، وإنصلاح أوضاعه ، و شجب فساده الناتج عن انشغال  المنتخبين بمصالحهم الخاصة -تكدس المال والثراء – عن حمايتهه وتنميته خدمة للمجتمع وتوفير الحياة الكريمة لكل فرد من أفراده بالبحث في أسباب انتشار جرائمه بشكل فضيع ..  

كما فُعل مع الفنان " نعمان لحلو"  الذي تصدى له بعض الجبناء من خلف حواسبهم بالتجريح والقذف والقدح والافتراء والطعن والتخوين المجاني ، بغية تعهير وطنية بادرته ورقي وسلوكه ونبيل فعله، النابع من حبه لوطنه وغيرته على أهله ، وضميره الذي أبى عليه إلا أن يشجب كل ما يتعرض له المال العام من انتهاك ، اندعوى الدعم الذي تحول إلى نوع من الريع لشراء دمم أشباه المفكرين والمثقفين والصحفيين والفنانين ، وتدجين الأحزاب والنقابات والزوايا والجمعيات . 

كل الاعتزاز والتقدير لوطنية وشجاعة السيد نعمان لحلو ولكل مغربي شريف يريد مصلحة هذا البلد وشعبه ، ويعمل على إبعاد الأذى عنهما ، والخزي والعار لكل من يروج الإحباط بين المواطنين الشرفاء ، ويشجعهم على التقاعس والإتكالية ودفن رؤوسهم في الرمل ، والغرق في البذاءات والأحقاد والتفاهات والمسائل الشخصية الرخيصة، واهمال القضايا الكبرى التي تهدد مصالح وطنه وتعوق تنميه وتقدمه . 

يحضرني بالمناسبةمثل صيني رائع يقول: "العقول الكبيرة تناقش المبادئ، والعقول المتوسطة تناقش في الأشياء ، والعقول الصغيرة تناقش في الأشخاص" ونعمام لحلو يناقش العمق، وكم كنت أتمنى أن يحذو باقي الفنانين حذو هذا المواطن الفاضل ، ويتخذوه قدوة في فضح الفساد ، حتى يُقضى على المفسدين ، فبالتضحية تبني الشعوب وتُصنَع الأوطان وتزدهر الحضارات على أسس سليمة ومتينة.