صلاح السقلدي يكتب:

ماذا لو ؟

عجبتُ من بعض القوى والشخصيات الجنوبية التي ترى في قبول المجلس الانتقالي الجنوبي الشراكة بالحكومة تفريطا بالقضية الجنوبية ثم تطالب بإشراكها بهذه الحكومة.
   وضع البَيض في سلّةٍ واحدة تصرّف غير حكيم. دعوا الانتقالي يخوض تجربته التي صمّـمَ أن يخوضها، ويتحمّــل هو وحده وباسمه الخسارة والخذلان في حال أخفق بذلك، سنقول فشل الانتقالي  ولم يفشل الجنوب ولا قضيته الوطنية ،وفي حال المكسب فسيكون المكسب جنوبيا وليس حكرا على الانتقالي.


- صحيح أن هكذا شركة قد سجلّـتْ مكسبا سياسياً للقضية الجنوبية لا بأس به وأخرجتها بعض الشيء من شرنقة المحلية ومن وضع الانكفاء على الذات، ونقلتها أمام المحيط الإقليمية والدولي من دائرة الاستهداف بتهم الملشنة والانقلابية الى فضاء رحب يمكن التحرك من خلالها، على الأقل في المنظور ، ولكنها أي الشراكة بهذه الحكومة- تظل شراكة ملغومة، ومجازفة جريئة وقد تنطوي على أمور خطيرة ،ونسبة خسارة القضية الجنوبية فيها مساوياً لمكاسبها في قادم الأيام -إن لم نقل أقل من ذلك،-( فالأمور تقاس عادة بخواتمها)، في ظل مواقف سياسية خليجية غير مكترثة بالمطالب الجنوبية، بل ومناهضة لها جهارا نهارا، وخصوصا من الجانب السعودي ( اللاعب الإقليمي القوي  والمؤثر ) بمجريات الأحداث العسكرية والسياسية والاقتصادية الجارية باليمن حاليا وفي أية تسوية سياسية مستقبلية، فالمال والسعودي والدبلوماسية السعودية الفاعلة على المسرح الدولي والتي تسطيع بأدواتها مالية والنفطية شراء مواقف القوى العظمى، - زُرافات ووُحدانا  - سيكون لهما تأثير كبيرا ومباشرا – (ولا نقول تأثيرا كُليا ) على رسم الخارطة السياسية في المستقبل. وحيث وأن الموقف السعودي السلبي من القضية الجنوبية معروفا مسبقا،فضلا عن الانتقالي يشارك اليوم قوى لن تتروع أن تدير له ظهر المجن، وتتحلل من كل التزاماتها بين غمضة عين وانتباهتها، كما عودتنا طيلة رُبع قرنٍ مضى، فأن الخيبة الجنوبية  تكون متوقعة، وستبدي لنا الأيام ما نجهله اليوم.


   ....وعطفا على ذلك فأن إخفاق الانتقالي الجنوبي في هذه الشراكة ، ولن ينقذ القضية الجنوبية من مآلها إلّا القوى والشخصيات الجنوبية التي لم تنضو تحت مظلة الانتقالي كقوة خط دفاع موازٍ للانتقالي،ونقصد هنا القوى والشخصيات الجنوبية التي ما تزال تناضل بصدق لنصرة القضية الجنوبية والتي يتحتم على الانتقالي مد جسور التواصل معها دوما وهدم كل جدران العزلة وأسوار القطيعة)،وليس تلك التي القوى التي تخاصم الانتقالي من منطق مناكفة والإغاظة أو لمحصلة قوى حزبية وسياسية أخرى أو لحسابات التكسب  الذاتي والنفعي. فما تزال الساحة الجنوبية والحمد لله تزخر بكثيرٍ من القوى والشخصيات  الحيّة بالداخل الخارج التي لم يلوثها المال السياسي ولم تسقط في خصم الاستقطاب السياسي والمادي ...وهي مَــن يراهن عليها الشارع الجنوبي  أن تظل حية وتقوم بدورها، سواء في حال حدوث فشِلَ للمجلس الانتقالي أو حتى في حال حالفه الحظ واستطاع أن يرتقي بالقضية الجنوبية الى مصاف الحلول السياسية العادلة، على صعوبة وتعقيدات المهمة، وكثافة النيران المعادية والنيران الصديقة.!