مشاري الذايدي يكتب:
هل يصغون للشيخ كيسنجر؟
وهو في عمره العتيد، لم ينفك «شيخ السياسة» الأميركية، هنري كيسنجر، عن إسداء النصيحة وخبرة السنين، وحصاد البحث العميق، للرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، وإدارته، بشأن التعامل مع إيران، ومشكلات الشرق الأوسط.
المصباح الذي علقه كيسنجر، على قافلة كلامه، للرعاة الأميركان الجدد في البيت الأبيض، هو الارتقاء للسياسة الحصيفة و«الوطنية»، وترك سياسات الثأر و«اجتثاث الترمبية» بخصوص التعامل الأميركي الجديد مع إيران... إيران الملالي وقاسم سليماني والحرس الثوري الخميني.
كيسنجر قال في حديث لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية إن الإدارة الأميركية الجديدة يجب ألا تعود إلى روح الصفقة الإيرانية، لأنها قد تخلق سباق تسلح في الشرق الأوسط.
وقد انتقد كيسنجر الاتفاق النووي، ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن الدبلوماسي السابق والمستشار والمؤلف البالغ من العمر 97 عاماً قوله: «يجب ألا نخدع أنفسنا». «لا أعتقد أن روح [الاتفاقية الإيرانية]، مع قيودها الزمنية وقدراتها المتقلبة للغاية، ستفعل أي شيء بخلاف جلب الأسلحة النووية عبر الشرق الأوسط، وبالتالي تخلق حالة توتر كامنة ستظهر عاجلاً أم آجلاً».
وأضاف كيسنجر: «لا أقول إننا يجب ألا نتحدث معهم». ورداً على سؤال حول النصيحة التي قدمها لبايدن وحكومته لاستخدام اتفاق إبراهيم بين إسرائيل والدول العربية الأربع، قال كيسنجر: «أقول للحكومة الجديدة إننا نسير على الطريق الصحيح. هذا الاتفاق يفتح نافذة على شرق أوسط جديد».
الواقع أنه سبق لكيسنجر نقد اتفاق أوباما وبقية الدول مع النظام الإيراني 2015، لكنه عاد قبل أيام لمحاولة إيقاظ الإدارة الديمقراطية الجديدة في واشنطن لحقيقة المخاطر الفعلية، من منظور أميركي استراتيجي، في إلغاء كل إرث ترمب السياسي مع إيران.
وكان كيسنجر حذر في مقالة له بعنوان: «انهيار الإطار الجيوسياسي للشرق الأوسط»، المنشورة 2015 في «وول ستريت جورنال» الأميركية، من سياسة الانسحاب والميوعة في الميدان السوري، الذي استغله الدب الروسي خير، أو شر استغلال حينها، وتوقع كيسنجر في ذلك الوقت، ويبدو أنه صدق، أن النفوذ الروسي في سوريا قد يستمر أربعة عقود على الأقل.
وختم الدكتور كيسنجر نصيحته الذهبية لإدارة أوباما، المغرورة والمندفعة بتهاويم نيوليبرالية سياسية حينها، غير واقعية، قائلاً «على واشنطن أن تقرر الدور الذي يجب أن تقوم به في القرن الحادي والعشرين».
يبدو أنها النصيحة نفسها لإدارة الديمقراطي الجديد، جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، بعيدا عن «آنية» اللحظة الثأرية من ترمب والترمبية.