عبدالقادر القاضي يكتب:

الزبيدي يضع رسائل في صندوق البريد الروسي

#الرجل_الذي_وضع_الرسائل

#في_صندوق_البريد_الروسي

( قراءة موضوعية وسياسية )

لم ينطق ابن الزبيدي بالكفر البواح ليزايدوا عليه او حتى يشككوا فيه، فهم لم ينزعجوا لشيء مثلما انزعجوا من ان عيدروس الزبيدي تحدث بلغة سياسة بحتة واستطاع ان يقطع اشواطاً سياسية كبيرة وإرسل رسائلة السياسية بشكل مباشر لكل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في ملف الحرب في اليمن واختار أن تكون روسيا هي المنبر لإطلاق تلك التصريحات واضعاً كل الرسائل السياسية والرؤية الاستراتيجية الخاصة بالمجلس الانتقالي الجنوبي في صندوق البريد الروسي .

أكدت اجابات عيدروس الزبيدي من ان المجلس الانتقالي الجنوبي منفتح على كل خيارات السلام وتعزيز الاستقرار في المنطقة والاستمرار في عمليات مكافحة الإرهاب وتنظيماته، ومن انهم كمجلس انتقالي منفتحون على كل حوار مع اي طرف ومع كل الاطراف من شأنه إنهاء الحرب في اليمن بما يتوافق عليه في اي جلسات حوار سياسي قادم ،، وقد ذهب بهم الى ابعد من هذا ولم يستثني من ذلك الحوار حتى الحوثيين أنفسهم لو لزم الأمر وتوافق الجميع على إيجاد حل سياسي لإنهاء الأزمة في اليمن ..

لا شيء ازعجهم ،، مثلما ازعجتهم واقعية الطرح السياسي ونضوج الرؤية التي تحدث بهما الرئيس عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي خاصة وانه كان طرح  يتماشى ويتناغم مع الواقع السياسي للمنطقة ودول الاقليم ككل ،، مما يعكس صورة واضحة للأطراف الدولية الفاعلة في ملف الحرب في اليمن بأن المجلس الانتقالي الجنوبي  يمتلك رؤية سياسية وأهداف استراتيجية يمكن التعاطي معها.

فمجرد توضوح هذه الفكرة وإعطاء ذلك الانطباع الايجابي عن المجلس الانتقالي الجنوبي امام العالم يزعج كثيرون من خصوم الانتقالي الذين لطالما سعوا إلى شيطنته امام الآخرين ،،

كما لم يفوت عيدروس بأن يصيغ عبارات واضحة جعل من الانتقالي في مضمونها شريك حقيقي وفاعل على الأرض في الجنوب وربط واحدية المصير وواحدية الأهداف مع الأشقاء في التحالف مؤكداً لهم عن عدم تخلي المجلس عن الشراكة معهم في معركة كسر المد الفارسي على جزيرة العرب ،، وكانت رسالة واضحة وإيجابية وعلى قدر كبير من المسؤولية  لقيادة التحالف ممثلة بالمملكة العربية السعودية .

وبارك للدول ذات العلاقة بخطوات التطبيع التي قامت بها مؤخراً واعاز ذلك الأمر الى الدول المطبعة نفسها لان ذلك الامر هو راجع لهم كدول ذات سيادة هي ادرى بمصالحها ومصالح شعوبها، وهو بهذه المباركة ارسل رسالة لجميع الأطراف بأن المجلس الانتقالي لن يكون إلا مع كل خيارات السلام في المنطقة .

حتى إيران لم تغب عن اجاباته وتمنى أن تتقارب الرؤى وتزول كل مسببات النزاع والخلاف بين جمهورية إيران والمملكة العربية السعودية ،، 

فدعك من المزايدات والهرطقات وسيبك من حكاية المؤامرة الكونية والخطة الماسونية وكل تلك الفروع التي يشغلونك بها لغرض المماحكات ،، فتلك أمور فرعية وهي في الأصل خلافية وغالبيتنا لنا ارائنا فيها وقد نقبل او لا نقبل بكثير منها او قليل.،،

ابحث برؤية سياسية متجردة عن حقيقة الانزعاج ومكمن الوجع بعيدا عن الشعارات والعنتريات التي لم تقتل يوما ذبابة على قولة نزار قباني،،وستجد ان انزعاجهم الحقيقي يكمن في أن عيدروس الزبيدي استطاع ان يقدم المجلس الانتقالي الجنوبي للعالم من خلال تعريفهم برؤية المجلس السياسية ومدى انفتاحهم وقبولهم لأي حوار من شأنه خلق فرصة سلام في اليمن وفي المنطقة ككل  .

فعيدروس لم يصبح صهيونياً حينما ذكر إسرائيل لانه بكل بساطة تكلم كلام سياسي بحت ،،واوعز أمر التطبيع لأهله المعنيين به كدول لها سيادتها ،، فتلك أمور تخصهم.

وعيدروس كذلك لم يصبح شيعياً اثنى عشرياً حينما ذكر إيران وتحدث عن دورها وتمنى فتح حوار بينها وبين المملكة السعودية لإنهاء كافة الخلافات ،،

وعيدروس لم يصبح حوثياً حينما ذكر انه على استعداد للحوار حتى مع الحوثي ،، فلماذا حلال عليكم الحوار مع الحوثيين وحراماً على المجلس أن يحاورهم أن استدعت الضرورة السياسية لذلك ،،

عيدروس لم يصبح كل اولئك الذين ذكرهم وتحدث عنهم لأنه ببساطة كان يتحدث بلغة سياسية تلامس الواقع وتتماشى مع رؤية العالم والإقليم وظروف المنطقة وخاطب الجميع بوقت واحد بخطاب سيغير من تعامل العالم مع الانتقالي بشكل ملفت للنظر .

تلك هي الامور التي ازعجتهم واقلقتهم ،، ولا شيء غيرها ،، فأن يكون للجنوب صوتاً بدأ يسمع عواصم العالم خطابه السياسي المتزن والمسؤول والمنفتح والمعبر عن واقعية سياسية حاصلة على الأرض ويزعجهم أكثر ان تلك العواصم كذلك بدأت تستمع له وتستقبله وتوجه له الدعوات الرسمية كمجلس سياسي وبأعتباره المكون الأكبر والأقوى والأكثر تنظيماً وتسليحاً في الجنوب وهو كذلك يمثل الحامل السياسي والعسكري للقضية الجنوبية ،،فذلك أمر يزعجهم.وذلك هو وجعهم الحقيقي الذي يريدون أن يخفوه ،،

اما ما يصدر منهم من مماحكات ونقاش للهوامش وغرق في التفاصيل ليست سوى مضاعفات ناتجة عن حمى الهستيريا السياسية التي اصابتهم بعد أن علموا أن الانتقالي بلغ هذا المبلغ من التخاطب والتعاطي السياسي المرن مع العالم ،،

لقد كانت أجابت عبرت عن خطاب سياسي منفتح وواعي ويتماشى مع ما تقتضية المرحلة السياسية التي تمر بها المنطقة على المستوى العربي والإقليمي ،

وهذا بالضبط ما يحتاجه المجلس الانتقالي الجنوبي من خطاب سياسي متزن ومنفتح على الآخر في تعامله الخارجي مع الدول والحكومات والهيئات ،، خاصة وأن المجلس الانتقالي حديث العهد بالدول والحكومات  وكذلك الدول والحكومات حديثة العهد به من حيث التعامل السياسي ،،

وعليه فإنه من الطبيعي لأي مجلس او مكون سياسي ناشىء حديثاً ويتبنى قضية سياسية ما في اي مكان في العالم ،، فمن الطبيعي أن يتعامل مع الآخرين بخطاب سياسي منفتح على الجميع طالما وهو يبحث عن تحالفات لا ان يناصب الاخرين العداوت ،، وهذا بالضبط ما قالته اجابات الرئيس عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والتي اراد هو للعالم أن يعرفها ويسمعها بكل وضوح  .

وبما ان روسيا الاتحادية تربطها علاقات  وثيقة مع ايران وهي كذلك بنفس الوقت تربطها علاقات مع اسرائيل وهي ايضاً تستقبل وتتعامل مع من يمثلون الحوثيين في حكومة صنعاء ،، كما ان لها علاقات متميزة وواسعة مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وكافة دول الخليج ومصر كذلك ،، 

وهذا الامر بالحسابات السياسية يعني أن المجلس الانتقالي الجنوبي يكون قد عرف من اين تأكل الكتف واختصر الكثير من المسافات ،، لذا كان عيدروس الزبيدي يختار مفرداته وكلماته بكل وضوح بل كان يعمد ذكرها .

فزيارة روسيا ليست مجرد زيارة ترفيهية او ليست ذات معنى ،، كذلك اجابات الرئيس عيدروس الزبيدي لم تكن مفاجئة أو مرتجلة او تنافي الواقع ،، كل ذلك لم يكن متروك للصدفة بل كان مرتب له .

فروسيا ستكون حاضرة وبقوة في ملف الأزمة اليمنية خلال الفترة القادمة إلى جانب بريطانيا الحاضرة اصلا منذ فترة ،، خاصة وأن روسيا تسعى الان لاملاء الفراغ الأمريكي الذي سيحدث بعد قدوم بايدن إلى الحكم ،

والانتقالي كمجلس وكيان سياسي وعسكري فاعل وحاضر على الأرض ويمثل قضية وشعب ،، فأته من حقه الطبيعي ان يبحث له عن مكان تحت الشمس بما يخدم توجهاته ويتوافق مع مصالحه .

ازعجتهم تلك الحقائق السياسية وذلك الخطاب السياسي المتزن والمتوافق مع الإقليم والعالم ،،

ازعجتهم تلك الحظوة والمكانة وذلك الحضور الطاغي لصوت المجلس الانتقالي الجنوبي ،،

ازعجهم أنه صار للجنوب صوتاً ورأياً تفتح أمامه أبواب الدول لتستمع إليه.

تلك هي الامور الحقيقية التي ازعجتهم بحق ، وماتبقى ليست سوى تفاصيل خلافية بين مؤيد ومعارض ومتحفظ لكنهم يريدونك أن تضيع في تشعباتها فتظل قابعاُ منزوياُ في ظلمات ازقتها فتفوتك حقيقة  قراءة الرسائل السياسية الموضوعة في صندوق البريد الروسي .

عبد القادر القاضي

أبو نشوان