حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):
مذمة الناقص الشهادة بالكامل
دفعت بي ، وعموم المغاربة، هستيريا تطاول قناة الشروق على ثوابتنا الوطنية الذي بلغ مداه الخارق للقيم الأخلاقية والمثل الإنسانية التي تربط الأفراد والشعوب فيما بينها باستهداف ملكنا الهمام، دفعني إلى التفكير في الرد على سلوك النذالة والبذاءة والسفالة وإفحاش اللغة وإقذاع الكلام الطافح بالكراهية والغضب والانتقام بأسوأ منه وأنذل ، برد لا يقل عن رد عمرو بن كلثوم على تطاول غريمة عمرو بن هند ، كما جاء في قوله:
ألا لا يجهلن أحدٌ عليـــنــــــــــــــــا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطيناً
إذا بلغ الفطام لنا صبــــــــــــــــــــــي تخر له الجبابر ساجدينــــــــا
لكن المقولة الشهيرة : "إلى درتي بحال الحمق باش فتيه" التي كانت والدتي رحمة الله عليها ترددها كثيرا ، ألجمتني على مجاراة الجهلة ومرضى الحسد ، وصدتني عن السير وراء ما تلوكه ألسنتهم من كلام السوء ، لا عجزاً أو ضعفا أو سذاجةً وإنما إعزازاً لنفسي وترفعاً بها من الوقوع في الغيبة والنميمة التي ليست من شيم النفوس الطيبة ، والتي يريد المرضى ...جرنا إلى الأنغماس في مستنقعها للتنفيس عما يشعرون به من حسد للمغرب وملكه ، اللذان لا يعاقبان أمثالهم من الحثالة إلا بالمزيد من النجاح ، والإصرار على التفرد والتميز المبدع في كل المجالات التي تغيظهم ، كما في قول المتنبي :
إني وإن لمت حاسدي فما......أنكر أني عقوبة لهم
وطبيعي أنه لو لم يكن المنتقَد كبيرا ومهما ويملأ الأسماع ويهز الأقلام ويحرك الأشجان ، لما تعرض للحسد الناجم عن الحقد الناتج عن النقص والدونية ، فوحدها الأشجار المثمرة التي تُقذف بالحجارة من أجل ثمارها ، أما النخرات الخاويات الخاليات من الثمار فلا احد يهتم بها.
ومن البديهي أن يتعرض كل ممتطٍ لقمم النجاح ، لتطاول كل ناقص فاشل قابع في الحضيض يبحث ويفتش عن أي ثغرة أو هفوة للمبدع الصاعد لسلالم النجاح بأريحية، والذي عبر عنه الشاعر بقوله :
وكم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم و يكره الله ما تأتون والكرم.
وأختم البرد القوي والواثق الذي يبرهن على أن مذمة الناقص هي شهادة للمبدع بالتفوق والكمال كما في قول المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل.
ودون أن أنسى البيت الشعري العربي الشهير:
لولا اشتعال النار في ما جاورت.. ما كان يعرف طيب عرف العود