د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الميليشيات تدمر الوطن !!
من المعروف أن مقومات الدولة ترتكز على الأرض والشعب والسلطة ومن هذه العناصر الثلاثة تستمد الدولة سيادتها وشرعيتها ،ولا تقوم الدولة إلا بوجود عمل مشترك بين السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية.
وأهم مؤسستين متعلقتين باحتكار القوة، هما مؤسستي الجيش والأمن .
ولكن في حال تحولت إحدى القوتين إلى أداة قمعية تعمل لتحقيق مصالحها نهبا وسلبا لحقوق المواطنين .فماذا نسميها في هذه الحالة ؟!!
نسميها مليشيات بلباس الدولة وهذا هو ما يجري اليوم في عدن ونورد مثالا حيا على ذلك من واقع ما يجري :
أفاد مواطن من أبناء شبوة بأن قائد حراسة مدير أمن عدن اللواء الركن مطهر الشعيبي اختطفهم لمدة نصف شهر وذلك لإرغامهم على التخلي عن قطعة أرض اشتروها قبل خمسة سنوات." الوطن العدنية "
هذا وقد احتشد المئات من أبناء شبوة لحماية ممتلكاتهم أمام محطة العروبة في عدن وأصدروا بيانا نددوا فيه بتلك الممارسات العدوانية جاء فيه :
((من المؤسف أن بعض رفاق درب الحرية ممن يتشدقون برفع الظلم والاستبداد و النضال قد انحرفوا عن مسار هذا الهدف بعد الاستقواء بسلاح التحالف ومارسوا كل أشكال الهيمنة والظلم والاستبداد بأعمال السلب والنهب لممتلكات أبناء شبوة بالعاصمة عدن و أبرزها مزرعة الشيخ صالح فريد و هنجر سالم باراس ومؤسسة السليماني ومنتجع الحارثي و مشروع محمد عبدالعزيز السكني ومصنع السليماني للخرسانة ومحطة الجفري و إصابة نجل زين فدعق وأرضية الدكتور صالح العبد واقتحام محطة العروبة وترويع النساء والأطفال لمنزل مالكها وآخرين كثر لا يتسع المقام لذكرهم )) ونحن نقول :
إن ما يجري اليوم في عدن من انتهاكات صارخة لحقوق المواطنين تحت سمع وبصر الأجهزة الصورية للدولة المسلوبة الإرادة سيؤدي لا محالة إلى سقوط هذه الأجهزة الهشة التي تخلت عن مهامها الرسمية لحماية الوطن أرضا وإنسانا وتحولت إلى أداة نهب وسلب ليست ببعيدة مما يجري في العراق ولبنان حيث نمارس المليشيات فيها سلطة الدولة وفي اليمن، كان الصراع سابقاً بين سلطة الدولة وقوتها من جهة، وميليشيا القاعدة والحوثيين من جهة ثانية. واستطاعت سلطة الدولة، مهما كان رأينا بنظام حكمها، أن تحول دون قوة الميليشيات . ولكن، وبعد ما جرى، تحول الحوثيون إلى ميليشيا حاكمة، وقضت على الدولة اليمنية، واحتكارها للسلطة. والميليشيات الليبية الآن، دمرت الدولة تدميراً كاملاً. وميليشيا الحوثي تستبيح الحدود البرية و البحرية اليمنية وهكذا.
واللافت للنظر، أن جميع الميليشيات التي حطمت الدول، تستمد قوتها من دول خارجية: إيران وتركيا وقطر وأمريكا، ومن بقايا السلطات الحاكمة شكلياً في حين تقزم دور الشرعية في اليمن وبدأت تتآكل لكثرة المنافسين لها أو كما لخصها الأستاذ أحمد برقاوي حيث قال :
"الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع، أنه لا ولن تقوم دولة في التاريخ مع وجود الميليشيا المسلحة. ولن أنسى أن أقول بأن تعريف الميليشيا هي قوة مسلحة خارجة عن القانون. وهذه تختلف جداً عن الكفاح الشعبي ضد الاستعمار والاحتلال، كما جرى في الجزائر وفيتنام وفلسطين. ويجب الانتباه إلى أنه مع الانتصار في الجزائر وفيتنام، قامت الدولة وتكوّن الجيش الوطني والشرطة والقضاء، أي صارت الدولة محتكرة للقوة. كما يجب أن لا ننسى بأن الميليشيا حين تحكم، تحكم بوصفها ميليشيا وليست دولة".
وهذا هو ما يجري في اليمن اليوم شماله وجنوبه حيث تنهش المليشيات الوطن والمواطن وهذا لن يؤسس لقيام دولة لا في الشمال ولا في الجنوب طالما تؤسس تلك المليشيات حكمها على إقصاء المكونات السياسية والأحزاب الأخرى عن المشاركة في القرار السياسي وبناء هياكل الدولة بصورة عادلة يشارك فيها الجميع
ويقوم حكمها على اختطاف الوطن وجعله رهينة تديره كما شاءت وكذلك تقوم بإقصاء المواطن عن المشاركة في بناء مستقبل وطنه وفي النهاية ستتآكل ومصيرها الفشل المحتوم وعلى الباغي تدور الدوائر .
د. علوي عمر بن فريد