د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

هل أصبح سقوط مأرب وشيكا ؟؟!!

حذر الشيخ القبلي غالب ناصر كعلان من سقوط وشيك لمحافظة مأرب بيد جماعة الحوثي ،مشيرا إلى أن مأرب تتعرض للخيانة ، وذكر أن إعلام الإصلاح يصنع انتصارات وهمية . وقال بن كعلان : سنظل في وهم الانتصارات التي تعودها ناشطون وإعلام يتبع الإصلاح كذب في كذب.!!
وأضاف : في الحقيقة أن الحوثي يتقدم باتجاه مأرب كل يوم والحقيقة أن مأرب مهددة بالسقوط في الأيام المقبلة ،وأكد الشيخ غالب : الحقيقة أن الحكومة وهادي ومحسن والمقدشي لا يهمهم سقوطها بقدر ما يهمهم استمرار حروبهم المهزومة من عمران إلى صنعاء لبقية محافظات الجمهورية، رغم أنهم يستلمون دعما ماليا وعسكريا بالهبل وأقول بالهبل حقيقة، و سنقولها الآن يا أحرار اليمن مأرب في خطر مأرب مبيوعه للحوثيين !‍!
ولا زالت معركة مأرب تتأرجح بين الربح والخسارة بين الانتصار والهزيمة وتأتي خطورة الزحف الذي يقوم به الحوثيون باتجاه مأرب قد يؤدي إذا نجح إلى تغييرٍ في مسار الحرب و الصراع.
الاحتمال الأول :
وقوع مأرب الغنية بالنفط والغاز بأيدي الحوثيين سيأخذ من حكومة هادي آخر معاقلها على الأرض في شمال البلاد الذي يسيطر الحوثيون على أغلب محافظاته الثلاث عشرة تقريباً بما في ذلك صنعاء. وفي حال حدوثه سيعمل على إضعاف مركز تلك الحكومة في أي مفاوضات محتملة مستقبلاً بل قد يؤدي إلى خروجها التدريجي من المشهد أو إلى بقائها شكلاً في أحسن حال ..وبالتالي فقد يتحول الصراع إما إلى مواجهة بين شمال البلاد مع الجنوب الذي تواجه فيه هذه الحكومة منافسة شديدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم بقوة من قبل الإمارات أو أن نشهد إلى جانب هذا أو بدونه اصطفافا (سنياً ) عريضاً غير مستبعد في شمال وجنوب البلاد مدعوماً من قبل الرياض في مواجهة (المشروع الشيعي) للحوثيين الزيدية المتحالف مع طهران مما قد يؤسس لحروب طويلة تعمل بالوكالة عن دول الإقليم ..كما يكمن جزء من خطورة المشهد الراهن في أن هجوم الحوثيين على مأرب يتم وسط ما يبدو في نظر البعض أشبه بخذلان من قبل أطراف داخل التحالف بما فيه قوى قبلية في مأرب نفسها وذلك نكاية بحزب التجمع اليمني للإصلاح المتهم طوال السنوات الماضية بالسيطرة على محافظة مأرب وثرواتها المعدنية والطبيعية .وعلى الرغم من أن السعودية ظلت تتعامل مع (الإصلاح) ولو تكتيكياً لضرورات مرحلية بوصفه رافعة سياسية وعسكرية مهمة لحكومة الرئيس هادي خلال أعوام النزاع الستة الماضية إلا أن مراقبين لا يرون في الغارات التي تنفذها مقاتلاتها على مواقع وطرق إمدادات الحوثيين حول مأرب رداً كافياً ومتناسباً مع حجم وكثافة الهجوم الذي يشنه مقاتلو الحوثيون . ويحذر محللون من مغبة التراخي إزاء هجوم الحوثيين على مأرب المحافظة النفطية المتاخمة للحدود السعودية.. ومنهم القيادي في حزب الإصلاح حميد عبدالله الأحمر الذي حمَّل التحالف بقيادة السعودية المسؤولية عن كامل النتائج التي انتهت إليها الحرب حتى الآن باعتبار أن :"التحالف هو من يدير الحرب، فمخازن الحرب بيده، والتحركات بيده، وإن الشرعية (اليمنية) والجيش الوطني هما من يدفع الأثمان الكبيرة لهذه الإدارة" ولا يعفي الأحمر الحكومة اليمنية من مسؤوليتها عن "عدم مقاومتها لانحراف هذه الحرب (عن مسارها) من بدايته والتماهي مع ما تم فيه" لكن "الانحراف تم بوعي من قبل التحالف دون شك" حسب قوله!!.
ولعل حميد الأحمر قد نسي أنه يعيش في غيبوبة خارج المشهد اليمني برمته وغير قادر على تذكر حرب اليمن إلا في المواسم خاصة وهو يعيش أجواء المرح والسهر في اسطنبول وهو بعيد عن الحرب إلا أن غيابه لا يمنعه من تذكرها كلما أفاق من نشوته !!
سياسي يمني كبير طلب إخفاء هويته نبَّه في حديث للبي بي سي حسب أنور العنسي من مخاطر "أن تتوهم السعودية أن بإمكانها في حال هزيمة الإصلاح في مأرب أن تتوصل إلى صفقة مع الحوثيين لضمان أمن حدودها الجنوبية" مشيراً إلى أن الرياض "لن تتمكن من جعل الحوثيين جاراً وشريكاً لأمنها، ولا من لجم الطموحات المختلفة للحوثيين إذا تمكنوا من ثروة مأرب النفطية والغازية وبسطوا سلطتهم على كامل المحافظات الشمالية المحاذية لحدود المملكة خصوصاً أن قرار الحوثيين النهائي بيد طهران وليس بأيديهم" بحسب تعبيره!!.
يعتبر أسامة الروحاني النائب التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الذي يتخذ من واشنطن وصنعاء ولندن " أن تخبط السياسة الأمريكية في اليمن وعدم وجود أي سياسة مباشرة لها عندما جاءت إدارة بايدن بمثابة "هدية للحوثيين وضوءٍ أخضر لشن هجومهم على مأرب".
الاحتمال الآخر
من غير المستبعد في الوقت ذاته انكسار زحف الحوثيين على مأرب ، الأمر الذي قد تكون له كما لنجاحه آثاره الخطيرة على الوضع الإنساني في مأرب التي استضافت ما يزيد على مليونين من النازحين إليها هرباً من جحيم القتال في مناطقهم. لكن انتكاسة الهجوم على مأرب التي تتطلع الحركة الحوثية منذ زمن إلى السيطرة عليها لن تتوقف عند حدود مأرب بل يمكن في رأي خبراء أن ترتد على الحركة نفسها وتتسبب في انقسامات وتصدعات عميقة داخل صفوفها بالنظر إلى حجم (التضحيات) البشرية والمادية التي خسرتها عند أسوار مأرب.
يصر خصوم الحوثيين على أن هذه الجماعة المذهبية لن تكون قادرة على حكم البلاد (الواقعة تحت سيطرتها) لوحدها ، ولن تقبل بالشراكة مع أحد ، كما لا يمكنها ترك السلطة حتى لو أرادت ذلك في حال خسارة الحركة الحوثية هذه المعركة ستكون أمام خيارين: إما أن تستمر في حكم المناطق الخاضعة لسيطرتها بالقوة والاستمرار في إدارتها بالعنف، أو أن ينهزم مشروعها تماماً وهي خيارات تبدو صعبة الآن لكنها غير مستحيلة.
د. علوي عمر بن فريد