د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
حديث الذكريات (8)
تتم الزراعة في وادي يشبم عن طريق السيول صيفا ،وعلى الآبار شتاء ،ففي فصل الصيف تهطل الأمطار متأثرة بهبوب الرياح الموسمية التي تأتي من المحيط الهندي ويقابلها طبقة الجو الباردة ثم تتشكل السحب الركامية على قمم كور العوالق بعد الظهر وتشكل عواصف ممطرة وتهطل بغزارة شاملة وادي يشبم وتسيل على إثرها الشعاب والأودية ، وإذا كانت الأمطار مقتصرة على شعاب الكور وحدها فتفاجئنا السيول الكبيرة ليلا أو نهارا ويفيض شعب مربون حاملا معه الخصب والنماء ويحمل تربة سوداء وتشكل مادة دسمة من الطمي للزراعة ، وعادة يلتقي سيل مربون الذي ينحدر من قمم الكور يلتقي أحيانا مع شعاب القاع التي ذكرناها سالفا وبعد أن ترتوي الأطيان في وادي يشبم يستمر تدفق السيول من عدة روافد حتى يصل البحر العربي في منطقة الواحدي . ويزرع الأهالي في فصل الصيف الدخن والذرة والسمسم ..وتتم زراعتها على النجوم التي يعرفها الأهالي وكل نجم يتكون من 13 يوما ، وفي فصل الصيف يشم القادمون إلى وادي يشبم رائحة السيول والزراعة مختلطة بروائح النباتات التي تنمو في سفوح الجبال !!
وفي فصل الصيف تخرج الأفاعي والثعابين من جحورها التماسا للبرودة وهي لا تؤذي السكان إلا فيما ندر ومن ذلك حدث لي موقف معها عندما كنت عائدا ذات يوم قبيل المغرب من منزل القائد فضل عبدالله بن فريد قائد الحرس الاتحادي الذي أقام حفل عشاء ضخم لشخصيات المنطقة وحيث لا توجد كهرباء في ذلك الوقت استعار اتريكنا مع مجموعة أخرى من جيرانه لكثرة الضيوف .. وفي الليلة الثانية ذهبت لإحضار الاتريك وبينما أنا عائد به في طريق ضيق عبر بقيلة آل سالم بن فريد وعندما وضعت رجلي اليمنى أريد العبور إلى مطرحنا كورة الهجر إذ بثعبان أحمر ضخم يمر أمامي وانخلع فؤادي من ضخامته وقفزت من فوق الضليع الحجري إلى ودن الجاي وانكسرت الحبة الزجاجية والذبيلة ثم هربت مسرعا لمسافة بعيدة شرقا ولم استطع العبور خوفا من ان يظهر لي من جديد واخذت انادي ابي الذي كان يجلس في المصلى القريب من منزلنا مع أعمامي منتظرين اذان المغرب وعلى الفور اتجه نحوي يحمل بندقه وعدنا الى مكان عبور الثعبان ولكنه اختفى ثم عدنا الى البيت .
كان والدي يحب الحيوانات الأليفة ويملك 35 رأسا من الأغنام وجلب لها راعية خاصة تسرح بها في الشعاب للرعي منذ الصباح الباكر ولا تعود إلا عصرا ومعها العديد من الراعيات وكان لدى والدي 4 من الأبقار تستخدم في الزراعة وكذلك الدجاج والأرانب ولكن الذي أتعبني أجلكم الله هو الحمار الصعب المراس وغالبا ما ينفلت من رباطه ويسابق الريح وأقضي ساعات في ملاحقته من حي الى أخر حتى أمسك به بصعوبة ولا أقبض عليه إلا بعد ساعات من المطاردة المستمرة وفي النهاية اعاقب على فراره مني .
د.علوي عمر بن فريد