د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الغرب والتباكي على حقوق العرب ّ!َ!!
عندما يطالب العرب في مظاهراتهم الادارة الاميركية والدول الاوروبية برفع ايديها عن فلسطين وليبيا والعراق وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بحجة الدفاع عن حقوق الانسان فهم على حق ..حيث ادركوا بوعي ملحوظ ان هذه الدول الغربية الاستعمارية لا يهمها امن العرب واستقرارهم او مصالحهم وحقوق شعوبهم بقدر ما يهمها مصالحها الاستعمارية في البلدان العربية وفي جميع بلدان المعمورة.
فالمستعمرون الغربيون يتباكون على حقوق الانسان وعلى الديموقراطية في الدول العربية ويتناسون ما الذي يفعلونه في العراق وفي افغانستان وما الذي تفعله اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة !!
مصطلح حقوق الانسان الذي تم نحته في الغرب هو من المصطلحات التي يحق لنا أن نصفها بأنها (كلمة حق يراد بها باطل) مثلها مثل “حق تقرير المصير” و”الحكم الذاتي” والكثير من المصطلحات البراقة التي اخترعها اللاعبون الكبار على الساحة الدولية لكي يبهروا بها الشعوب الفقيرة المعدمة ،ولو تدبرنا الأمر لأدركنا أن الفقر والمرض والجهل الذي يصيب هذه الشعوب التي يتباكون على حقوقها هو بفعل الدول الكبرى التي تتغني ليل نهار بحقوق الانسان الذي هو مصطلح هلامي يستخدمه من يشاء ضد من يشاء دون حدود معروفة أو تعريفات محددة لهذه الحقوق، بل ودون اتفاق عالمي على قائمة محددة بهذه الحقوق؟ !!ّ
انهم يستعجلون استصدار قرارات العقوبات على هذه الدولة العربية او تلك ، لقد احتلت الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وحليفاتهما العراق في ساعات بينما تزعم بالعجز عن وضع حد لجرائم الحوثي في اليمن وتتجاهل مشاريع اثيوبيا لحجز مياه النيل عن مصر والسودان ، والغريب انها تقرر ارسال بعثة من الامم المتحدة الى اليمن لتقييم الوضع الانساني هناك ، وكأنها لا تعلم حتى اليوم بالوضع الإنساني فيه !!
و تتجاهل في الوقت نفسه ما فعلته آلة الحرب الاسرائيلية العمياء في قطاع غزة في شهر رمضان هذا العام والأعوام السابقة !!
اما حقوق الانسان الفلسطيني والعربي عموما وما يجري في حي الشيخ جراح في القدس فلا مكان لها على الاجندة الاميركية والأوروبية فتباكيهم على حقوق الانسان العربي وعلى الديموقراطية والحرية هي بضاعة فقدت صلاحيتها منذ زمن ولم تعد تخدع اي انسان عربي .. فتجارب شعوبنا العربية مع هذه الدول الاستعمارية الكبرى هي التي تبكي حتى الحجارة !!..
وما إن بدأ الشرق العربي بالتحديث الثقافي والإداري والعسكري على المثال الأوروبي حتى بدأت قارة الأنوار تنسج لنا خيوط المشروع الصهيوني الذي انتهى بنا إلى النكبة ثم إلى نكبات مستمرة إذ اختار حداثيو العالم الغربي تدفيعنا ثمن إساءاتهم العنصرية في أوروبا نفسها قبل الحرب العالمية الأولى ثم بعد "المحرقة اليهودية" في الحرب العالمية الثانية. على الرغم من ذلك كله فان البعض مثل الدكتور خالد زيادة يرى في كتابه الجديد ("لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب"
فالثورات في العالم العربي الراهن لا تدفعها الأفكار الكبرى وإنما تدفعها قضايا العيش والكرامة والعدالة الاجتماعية كحقائق إنسانية شاملة. ومن شبه المؤكد أن مسألة الجوار العربي- الأوروبي والتاريخ العربي- الأوروبي المتداخل لقرون طويلة كان نقمة أكثر منها نعمة. وهذا قد يفسر، جزئياَ على الأقل، افتراق مسار تاريخنا الحديث عن تاريخ اليابان وبقية بلدان الشرق الأقصى. وحتى لا نُبرأ أنفسنا دون وجه حق لا يبقى لنا اليوم بعد أن وصلنا إلى استنتاج بأنه لم يعد لأوروبا ما تقدمه لنا من دروس سياسية سوى النفاق والإستغلال إلا أن نختار الطريق الأصعب ونصر على السير على طريق حضارة الغرب الحديثة على الرغم من الغرب وليس بسببه ولا بمعونته. فلقد حاربنا وسيستمر في محاربتنا في حال الإصرار على هذا الخيار لأنه لا يريد لنا سوى موقع دوني في عالم يسيطر هو عليه ويأمر فيه ليطاع.!!
د .علوي عمر بن فريد