د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الاتحاد قوة ولكن عقدة الجنوبيين الأنانية !!
أثناء دراستنا في المراحل الأولى " الابتدائية " قرأنا الكثير من القصص والحكم العربية القديمة التي تزخر بها كتب التراث العربي وأدرجوها في مناهج التعليم بلغة مبسطة وزينت بالرسوم والألوان الجميلة حتى يحبها التلاميذ الصغار وتنطبع في ذاكرة النابهين منهم ليفهموا كيف تسير الحياة ولنبدأ بالقصة الأولى .
1 - دعا أكثم بن الصيفي التميمي أولاده عند موته ..
ثم قدم لهم حزمة من العصي وطلب الى كل واحد منهم أن يكسرها..فلم يقدر أحد منهم على كسرها مجتمعة ..
ثم فرقها وقدمها اليهم ليكسروها متفرقة ..فاستسهلوا كسرها..
فقال لهم : يا أبنائي إن في الاتحاد قوة ..
وإن اجتماعكم معاً يعجّز من عاداكم عن كسركم كعجزكم عن كسر هذه السهام مجتمعة ..فالانقسام ضعف والاختلاف هلاك , وإن الانسان كالسهم إذا اتحد مع غيره قوي واشتد ..ولعل ضِعافاً اتحدوا خيراً من أقوياء تفرقوا فالواحد منكم ضعيفٌ بمفرده قويٌ بأخيه ثم انشد قائلا:
كونوا جميعاً يا بني اذا اعترى
خطب ولا تتفرقوا أحادا
تأبى العصي إذا اجتمعن تكسراَ
واذا افترقن تكسرت آحادا
العبرة :
عندما نحاول إسقاط هذه القصة البسيطة على واقعنا في الجنوب العربي فهي تنطبق على واقع الحال اليوم بنسبة كبيرة !!
وعندما نقرأ التاريخ نجد أن مصيبتنا في الجنوب هو التشرذم والانقسام الذي استغله جيراننا الأقربون في اليمن والمشكلة الكبرى أننا دائما نرمي أخطائنا على الغير وخاصة على بريطانيا ولكن المشكلة اننا نحلل الأمور ونبسطها بعواطفنا وليس بعقولنا ولا ننكر أن المستعمر عند انسحابه من مستعمراته خلف وراءه عشرات الخوازيق والمشاكل وفقا لمصالحه ، ولكن ذلك لا يبرؤنا من الخلل والزلل فحب الذات والأنانية متجذرة في النفس العربية والسؤال هو : كيف كان الجنوب في أواخر الخمسينات ؟؟!!!
والجواب هو : كنا أكثر من 22 سلطنة وإمارة ومشيخة ، وعندما اتفق العقلاء من حكام الامارات الجنوبية على الاتحاد بدأ ب 6 امارات وسلطنات فقط ورفض الباقون حتى من كانوا في المحميات الغربية الانضمام إلى الاتحاد !!!
وحتى عدن رفض أهلها الانضمام إلى الاتحاد عند تأسيسه رغم النصح البريطاني ، وقد يكون معهم الحق في ذلك خوفا من المجهول بسبب العوامل السياسية وممارسة الديمقراطية والانتخابات الحرة والفوارق الحضارية والاقتصادية والعلمية والحريات بين عدن المتقدمة في كافة المجالات والتخلف في امارات الجنوب الأخرى ، والأدهى والأمر أن ما كانت تعرف بالمحميات الشرقية وهي : سلطنات الكثيري و القعيطي والمهرة رفضت الدخول في اتحاد الجنوب العربي ، وفي منتصف الستينات يمكن القول ان المحميات الغربية قد انضمت إلى الاتحاد ، ولكن الخلافات والتباينات في الرؤى كذلك قوة موجة القومية العربية وشخصية عبد الناصر وثورة الجزائر وثورة العراق واليمن خيل للجنوبيين أن أبواب الجنة التي يحلمون بها قد فتحت لهم ، وبدلا من أن يكرسوا وحدة كل الجنوب وتوحيده ذهبوا الى اليمن يدفعهم الحماس لنصرة الثورة اليمنية ليس هذا فحسب بل وارتضوا أن يكونوا مطايا للآخرين الذين استغلوا حماسهم وصدق نواياهم فانساقوا خلف الشعارات ولم يفكروا في مستقبل الجنوب ويمننوه بل تركوا الحبل على الغارب لليمنيين لير سموا لهم الخطط وفق مصالحهم ،واستغلت بريطانيا الفرصة ووجدت الجنوب بأسره يعيش في الفراغ فالسلاطين اختاروا كراسيهم على وحدة الجنوب ولم يتنازلوا لبعضهم بعضا وما يسمون بالثوار وأصحاب الأحزاب السياسية لم يفكروا إلا كيف يستولون على السلطة وكان الاقتتال بينهم وتسلل أعدائهم إلى السلطة وأحكموا قبضتهم عليها ،وبقية القصة أتركها لفهم القارئ الحصيف الذي يفهمها وهي طائرة !!
د. علوي عمر بن فريد