د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

الوطن الذي حلمنا به هل ضاع من أيدينا ؟؟!!

كنا نحلم بوطن فيه قانون يُطبّق على الجميع سواسية، والكل متساوون في الحقوق والواجبات...نحلم بوطن لا شرعية فيه لأي سلطة غير الدولة الحامية لكافة أراضيه.!!؟
كنا نحلم بوطن ينعم فيه الجميع بالأمن والأمان والكل سواسية أمام القانون . نحلم بوطن لا يموت فيه الفقير المريض على أبواب المستشفيات. نحلم بوطن تكون فيه كرامة الإنسان مصانة في الممارسة وفي الواقع. نحلم بوطن تكون فرص العمل متوفرة ومتاحة للآلاف من الشباب الذين يتخرّجون من الجامعات والمعاهد ما أصعبه من شعور عندما تقف عاجزا عن تحقيق حلمك لوطنك ...... فكل حلم قد يسكن ذاكرتك تواجهه عقبات تمنعك من تحقيقه .. فالحلم عندي أشبه بمعادلة مستحيلة الحل في دنيا الواقع المر .. ...وتحقيق ذلك الحلم مسألة معقدة يصعب على أي عالم فك رموزها وطلاسمها .... فعقلي رهينة بين سندان الحلم ومطرقة تحقيق ذلك الحلم لذا عندما يراودك شعور بأن تحلم فاحفر الصخر حتى تحقق حلمك بل خذ حلمك وأخرجه من قمقم الأحلام و صندوق المستحيلات حتى لا تعيقه حبال المستحيل وحتى لا يموت على أرض الواقع كما أرادوا له ذلك ..... وتعلم درسا أن الحلم لا يموت ... ولا يدفن في مقبرة النسيان وصاحبه يدافع عنه حتى ينتصر له ويقهر المستحيل !!
إن هذا الوطن كان حلمنا و ملاذنا الآمن و منبع أمالنا و محقق أحلامنا، كنا نحلم بأن في هذا الوطن كل شيء ممكن و لا مكان فيه لشيء اسمه المستحيل، أنه الأب الذي يحتضن أبناءه و يمسح دموعهم في أحلك الظروف و أصعبها....و أنه وأنه...وفجأة أفقنا على شيء مغاير تماما لما أوهمونا به، صحونا و اكتشفنا بأن الحلم الذي لطالما روادنا صار كابوسا مفزعا و تحطمت معه كل الأماني التي كانت تومض  داخلنا...انهارت كقصور من الرمال تحت أمواج الحقيقة... نضجت عقولنا و أدركنا أننا عشنا على وقع خرافة أو أسطورة - سمها ما شئت- اسمها الوطن، الوطن الذي كان يوصف لنا بأنه الجنة أصبح اليوم مجرد حطام، أرض يحاصرها الخراب و الدمار من كل حدب و صوب ، مكان تكاد الحياة تكون فيه شبه مستحيلة، أن هذا الوطن لا شيء فيه إلا المصائب و الكوارث، إنه وطن قاصر عاجز بسبب أبنائه الذين لا يمكن لهم أن يهدوك إلا موتا مفاجئا لم تكن تنتظره يأتيك على حين غفلة من الزمن...في هذا الوطن لا شيء يترصد بك إلا الموت صباح مساء، فإن لم يزرك صباحا فسيأتيك حتما مساءا مباغتا إياك في زاوية أو شارع أو في مسجد أو في إحدى المقاهي أو في إحدى محطات الحافلات و لعله يصبح أكثر جرأة فيقتحم عليك غرفتك ليلا فيتسرب إلى سريرك و يقطع عليك حبل أحلامك تلك التي لم تستطع أن تعيشها على أرض الواقع فتفر للقائها ليلا في نومك.... لأننا في زمن يمسك القلم جاهل ،وبالبندقية مجرم ،وبالسلطة خائن ،وعلى المنبر فاجر، ويتحول الوطن إلى غابة لحياة البشر..ويصبح أِشد أنواع الغربة هو ما تشعر به في وطنك ،وينتشر كل ذلك الحقد والقتل بسبب السطو بالقوة على أرض زراعية أو قطعة أرض تجارية أو سكنية في أي شارع في عدن سواء كانت لك أم لجارك أو مغترب أشتراها ودفع فيها ما أدخره في سنين طويلة من عمره وشبابه ..ولا غرابة في ذلك انه زمن الفوضى وبمساندة السلطات يجري اغتصاب حقوق الناس وأملاكهم بل ويموتون أحيانا للدفاع عنها ، أي وطن هذا الذي لا وقت فيه للحياة؟!!
فلا تكاد تمسح دمعة حزنك إلا و تفاجئك الصحف اليومية بعشرات من أخبار القتل، ذلك القتل الذي أستباح دماء الرجال و النساء و الشيوخ و حتى الأطفال لم تشفع لهم براءتهم في الإفلات من قبضة الجرم الفظيع، لم تعد القنوات التليفزيونية تفتتح نشرات أخبارها إلا بتشييع جنائز العشرات من الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم ولدوا في وطن لم يعد قادرا على أن يوفر الأمن و الأمان لأبنائه...وطن أصبح يتفنن في أشكال الموت من قبل أبناءه وأعداءه على حد سوا  فإن لم تمت فيه ذبحا أو شنقا أو حرقا أو بشظايا قنبلة فستموت حتما بخيبة الأمل...و طن إن تكرم عليك فلن يهديك أكثر من رصاصة طائشة تستقر بين عينيك أو في قلبك...و يودعك في صمت رهيب مسجى على لوح حقير وأخيرا أقول كيف نسترد وطنا أضعناه بأيدينا ونتباكى عليه اليوم ؟!!
. د. علوي عمر بن فريد