د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

هواجس وشجون جنوبية !!

هناك أيادي كثيرة ودخيلة من الخارج والداخل  لا زالت  تلعب في الساحة الجنوبية سرا وعلنا وتحرك أدواتها  الجنوبية المتعددة الأطياف  لإعادة انتاج الأزمات بين الحين والآخر للعودة بالجنوب  الى مربع الصفر من اجل مصالحها الخاصة التي انتجتها الصراعات الجنوبية البينية قبل وبعد الوحدة  كما ان دولا إقليمية مثل إيران أصبح تدخلها سافرا في اليمن لتثبيت  الحوثيين في حكم  اليمن على أن تساعدهم على الانقضاض على الجنوب وإعادته قسرا إلى باب  اليمن في  حظيرة الوحدة الكاذبة وطمس هويته ونشر التشيع في ربوعه، بالإضافة إلى ذلك كله افتعال الأزمات والتوتر مع الأشقاء في السعودية ودول الخليج وتحويل المنطقة إلى بؤرة للصراع الدائم خدمة لأسيادها  !!
ان مشكلة الجنوبيين اليوم انهم واقعون بين المطرقة والسندان حيث لا قانون ولا نظام ولا قضاء ولا امن ولا حقوق مرتجعة ولا محاسبة لكل من أجرم في حقهم أو محاسبة القتلة والمجرمين واللصوص   الذين سطوا  على ممتلكاتهم !!
واذا عدنا إلى الماضي فقد كانت عدن ثالث ميناء في العالم بعد نيويورك وليفربول و تحتل المرتبة الأولى عربيا في النظام الإداري والاقتصادي وكان فيها  نخبة ثقافية وأدبية وعلمية واقتصادية وسياسية ودينية وفنية عالية المستوى لا توجد في  أي دولة عربية ، وعندما سقط الجنوب بيد الشيوعيين  كان هدفهم هو إبادة الطبقتين السياسية و الثقافية بكل أطيافهما  لأنهما وحدهما  تعرفان  مخططات النظام الشيوعي  في تحويل المجتمع  الجنوبي الى مجتمع اشتراكي-شيوعي بحت ، ولتحقيق هذا الهدف قام النظام بحملة اغتيالات واعتقالات ضد فرسان القبائل والنخب المتنورة  بدعوى ان هذه الرموز الوطنية هي ثورة مضادة في حين  لن تجد اي فرد أو جماعة  من الرعيل الاول الذين قفزوا بالقوة  الى  هرم السلطة ليست لديهم المؤهلات العلمية  حتى أن  البعض منهم لا يحسن حتى القراءة والكتابة وهم الأكثر حقدا على المجتمع لشعورهم بالنقص والدونية وكلفوا  بتصفية المعارضين من النخب  ثم  اتجهوا  لتصفية رفاقهم  بسبب صراعهم على النفوذ داخل الحزب الماركسي التي انتهت بمذبحة يناير الكبرى التي سببها رفاقهم الشماليون وساقت الجنوب قسرا الى الوحدة في حين  كان النظام قد وصل الى مرحلة الانهيار مما أدى إلى  هروب  الرفاق الى الوحدة و إصرارهم على الوحدة الاندماجية الكاملة التي رفضها  صالح بداية ثم عرف أنها نقطة ضعفهم التي دخلوا منها !!
لقد أصبح الجنوب  اليوم يعاني كثيرا من ضعف الرؤية  السياسية  بسبب الدمار والمجازر الدامية التي تسبب بها الاشتراكيون بالقوى الوطنية والزعامات الفاعلة بل ويمكن القول أن  النخب السياسية والثقافية والوطنية أوشكت على الانقراض والفناء اما بالقتل أو النفي  أو لاعتزال واما بالشيخوخة والهرم أو المرض العضال للقلة الباقية  منهم، بالإضافة  الى ذلك كله  فان البنية الاجتماعية الجنوبية  تعاني من انقسامات  كبيرة في الرؤية  للحل فهناك من يرفض الانفصال نهائيا وهناك من يطالب فقط  بإعادة الحقوق المنهوبة   للبقاء تحت مظلة الوحدة وهناك من يطالب بالفيدرالية لمدة محدودة  شريطة  تقييم التجربة وإذا لم تنجح يتم الانفصال نهائيا وهناك من يرفض تسميته باليمن الجنوبي بل الجنوب العربي!!
وفي ظل هذه التباينات تظهر الخلافات من جديد ويلجأ كل فريق إلى حزبه أو مليشياته أو قبيلته لفرض رؤيته بالقوة على الآخرين !!
وفي الختام نقول : 
إن  شراسة الجنوبيين وخلافاتهم واستقوائهم على بعضهم البعض  واستخدامهم كمطايا رخيصة  للآخرين   سوف تصل بنا الى الدمار من جديد، وفي هذه الحالة سنصل إلى مرحلة العجز الكامل  عن  الدفاع عن الوطن وسوف تعم الفوضى  بسهولة وسوف تستباح الأرض وتسقط في أيدي السماسرة واللصوص من جديد  وسيبيعونها بثمن بخس وعندها لا ينفع الندم ويصدق فينا المثل القائل :
من لا يملك يعطي لمن لا يستحق ) )
د. علوي عمر بن فريد