د. عيدروس النقيب يكتب:

محنة الرئيس هادي

وضع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يثير الشفقة منذ لحظة اقتراحه رئيسا لليمن للفترة الانتقالية (٢٠١٢-٢٠١٤م) وحتى اللحظة.
الذين اقترحوا اسم عبدربه منصور هادي لرئاسة الجمهورية، لم يكونوا من انصاره، بل هم في الغالب خصوم له حتى حينما كان نائب للرئيس على مدى سبعة عشر عاماَ.
وحينما جاء الانتخاب (الاستفتاء) لم يشترك فيه إلا أتباع الأحزاب التي اختارت اسم الرئيس، ولم يشارك فيه الجنوبيون، وهم الجمهور الحقيقي والحاضنة الشعبية الحقيقية للرئيس هادي.
وحينما انقلب الناخبون على الرئيس المنتخب، لم يدافع عنه أحد إلا أبناء جلدته، في الجنوب، وبالعكس فقد جند الذين انتخبوا الرئيس جيشا من (الإعلاميين) من محترفي السب، والشتم والقذف للعن الرئيس واتهامه بشتى أنواع الاتهامات، لكنهم وبعد ما أعلنت عاصفة الحزم هربوا ركضا وراء الرئيس لحضور مؤتمر الرياض وأخذوا المكافأة، وبعضهم عاد أدراجه إلى مقر “اللجنة الثورية”.
وقبلها وحينما شرع الرئيس في هيكلة القوات المسلحة التي ظن أنها جيشه الوطني، بقي ولاء الفرقة لقائدها السابق، وولاء الحرس لقائده السابق، وتوزعت بقية الالوية والوحدات (الوهمية والحقيقية) بين القائدين.
وحينما اقتحم الحوثيون صنعاء ذابت الفرقة وتلاشت، والتحق الحرس وبقية الوحدات بمعسكر المقتحمين، وبقي رئيس الجمهورية مجرداً من أية قوة إلا من حراسته جنوبية الأصل والهوية.
وحتى حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان الرئيس هادي نائب لرئيسه، قبل أن يتفكك، رفض انتخاب هادي رئيسا له كما جرت العادة منذ ١٩٨٢م بل لقد انبرى عضو اللجنة العامة، علي محمد المقدشي (وزير الدفاع الحالي) ليقول أن هادي لا علاقة له بالمؤتمر وأنه شخص غير شرعي.
وحينما تتحدث صحفهم ومواقعهم الإلكترونية عن الفساد فإنها لا تتناول إلا فساد أولاد الرئيس ومقربيه، لكنها لا تقول حرفاً واحداً عن هوامير نهب الثروات ومهربي الأسلحة والممنوعات وناهبي أراضي وشواطئ الجنوب، بل تقدمهم كأبطال تاريخيين قل نظيرهم.
الذين التحقوا بالرئيس إلى منفاه بعد ما تخلوا عنه في محنته، لا يرون فيه سوى موظف لديهم بدرجة رئيس جمهورية ، فإن أحسنوا إليه اعتبروا هذا صدقة منهم وتفضُْلاً عليه، وإن اختلفوا معه ذكروه بأنهم هم من أتى به وأنهم قادرون على اقتلاعه.
وباختصار شديد تتلخص محنة الرئيس هادي بأنه: لا الشعب الذي يحكمه شعبه، ولا الدولة المفترض أنه يرأسها دولته، ولا الأرض التي ينوي العودة إليها (وهي ترفضه) أرضه، ولا الجيش المفترض، أنه يقوده جيشه.