اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الاستيراد من دون ضوابط دمر الاقتصاد العراقي
كل بلدان العالم تهتم بالاقتصاد فهو عصب الحياة, الا في العراق فالأمور وضعت بيد من لا يفهم ادارة الدولة, وهكذا العراق يعيش منذ سقوط الطاغية في عام 2003 في فوضى سطوة الجهل, كانت الامنيات كبيرة بعد الخروج من حكم العفالقة بان العراق ينطلق كبلد اقتصادي عملاق, لكن الطبقة الحاكمة عملت على النقيض من تلك الامنيات! وها هو السوق العراقي معتمد كلياً على السلع المستوردة, ولم يعد الانتاج المحلي قادر على منافسة المستورد, وقد قدر خبراء الاقتصاد خسائر العراق الى عام 2010 ب 180 مليار دولار نتيجة اعتماده على الاستيرادات الخارجية, وهذا الرقم الخاص بالخسائر يصل الان الى 360 مليار دولار! في عملية تدمير غريبة يمارسها الكبار للاقتصاد العراقي.
ان الاستيراد في السنوات الاولى لم يكن حتى خاضع للضرائب مما جعل المنافسة معدومة بين المستورد والانتاج المحلي, فادى ذلك لموت القطاع الزراعي والصناعي في العراق.
· سلبيات الانفتاح على الاستيراد
الطبقة الحاكمة لا تلتفت ولا تهتم بتقوية الاقتصاد العراقي, لذلك سياستهم الاقتصادية الفاشلة ادت الى رفع معدلات البطالة, وتدمير البيئة الزراعية والصناعية, مع تأثيرات مرعبة على الجانب الصحي والاجتماعي, فغياب الضوابط في الاستيراد جعل من السوق العراقية عبارة عن مكب للسلع غير الصالحة في باقي الاسواق! سلع مضرة بالصحة ومضرة اجتماعيا, سلع لا تناسب العائلة بقضايا تتعلق بالإدمان والصحة النفسية, حيث ان باقي البلدان ترفض هكذا سلع وتضع ضوابط كي تحمي مجتمعاتها, لكن الطبقة الحاكمة في العراق لا تهتم, لذلك فالسوق العراقية لا تمانع في استيراد أي شيء حتى لو كان سماً!
اما لو كان الحديث مخصص فاستيراد الادوية عليه الف علامة استفهام, واستيراد السيارات قضية ملغومة, واستيراد السكائر خاضعة لقوى كبرى, واستيراد البيض خط احمر, واستيراد المواد الانشائية خط احمر, وحتى استيراد الخمر تجارة ناشطة خلف مظلة سياسية, كل مجالات الاستيراد دخلها غول الفساد, واصبح من العسير على السلطة التنفيذية اصلاح الامر - ان افترضنا انها تسعى للإصلاح -, لان الكيانات السياسية الكبرى تحولت الى غول اكبر من قوى الدولة.
أن التنمية في العراق متعثرة لأسباب عديدة، منها أسباب تتعلق بالحكومات, وأسباب أمنية، ونظرة بسيطة الى معدلات النمو الاقتصادي في العراق ستصيبك بالخيبة لأنها متواضعة جدا, نتيجة الوفرة المالية التي تدفع باتجاه الاستيرادات الاستهلاكية.
· سلبية التاجر العراقي
نضيف نقطة مهمة لسبب الخلل الاقتصادي في العراق, وهو السلوك السلبي للتاجر العراقي, والذي انتج كوارث من دون ان يفهم سلبيات ما ينتجه عمله على البلد, فالتجار العراقيين يبحثون دوما عن استيراد البضائع الرخيصة، ولا سيما الصينية منها، الاهم عنده الربح بعيدا عن السمعة ورضا المستهلك, وهذا التوجه لدى المستوردين والتجار العراقيين برز بعد الحصار عام 1990 واستمر لما بعد العام 2003 حتى الآن.
مع غياب النظام الاقتصادي الذي ينظم الاستيراد ويفرض مواصفات خاصة على السلع المستوردة, عندها تجذرت السلبية في سلوك التاجر العراقي الذي اغرق المستهلك المحلي بأبشع السلع المنتجة والتي تفرغ جيوب المواطن ولا تعطيه ضمانات مستقبلية طويلة.
· كان على العراق الاخذ بالتجربة الاماراتية
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي اعتمدت على الثروة النفطية التي تملكها في سبيل بناء اقتصادها والنهوض به، بعكس ما يحصل على العراق حيث يستمر هدر الثروة النفطية من دون تنمية اقتصادية.
فالإمارات عملت بالموازاة مع البناء الاقتصادي المستند على الثروة النفطية, ضمن سياساتها العامة طويلة الأمد على الاستثمار في كافة القطاعات الممكنة التي تمنح للإمارات مجالا آمنا من الحركة، بدلا من التبعية المطلقة لقطاع واحد.
وهذا ما لا يفهمه جل الطبقة الحاكمة في العراق, والتي تملك القرار الاقتصادي, فالموضوع فوق مستوى الفهم, والفارق في الاهداف فالهدف الاماراتي في بناء دولة اقتصادية قوية, بعيد عن طبيعة اهداف الكيانات السياسية المتحكمة, والتي تنظر للبلد كمصدر للمال فقط, والاهم عندها بناء جسدها وتقويته بعيدا عن الوطن.