يعقوب السفياني يكتب:
حكومة المناصفة والفُرصة الأخيرة
تشكَّلت حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال في 18 سبتمبر 2020، بعد ما يقارب عام على توقيع اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية في 5 نوفمبر 2019، ووصلت هذه الحكومة عدن في 31 ديسمبر 2020، ليستهدفها هجوم صاروخي حوثي ضرب مطار عدن لحظة وصول أفرادها.
مثَّل هجوم مطار عدن إشارة حقيقية للتحديات التي تقف أمام نجاح هذه الحكومة، تلته إشارات متلاحقة لم تكن حوثية بل من الرئاسة اليمنية في الرياض، عبر تعيين نائب عام للجمهورية مُقرب من حزب الإصلاح (أحمد الموساي)، ورئيس لمجلس الشورى (أحمد بن دغر) بشكل مُخالف لاتفاق الرياض وبقرارات أحادية الجانب.
ورغم وجودها بعدن على مدى ثلاثة أشهر تلت وصولها، لم تستطع الحكومة حلحلة الملفات التي شُكّلت لأجلها، وإيقاف الانهيار الاقتصادي المتسارع، كما لم يتم استكمال بقية بنود اتفاق تشكيلها من هيكلة لوزارتي الدفاع والداخلية، واللتين كانتا من نصيب شخصيتين مواليتين لحزب الإصلاح، بالإضافة لعدم تقاسم المسؤوليات والدوائر الحكومية والسفارات بين الجنوب والشمال.
بوضوح تشكَّل تحالف طارئ غير مُعلن من المتضررين من اتفاق الرياض، جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وحزب الإصلاح المُتطرف، فرع الإخوان المسلمين في اليمن، والذي يسيطر على نفوذ سياسي وعسكري كبير وواسع في حكومة هادي، ويسيطر على مثلث النفط اليمني (مأرب - شبوة - حضرموت).
وبينما قصف الحوثيون حكومة المناصفة بالصواريخ، قصفها الإصلاح أيضاً بالقرارات الأحادية، والعراقيل التي وضعها أمامها من عدم توريد لإيرادات المحافظات الواقعة تحت سيطرته للبنك المركزي في عدن، والضغط على كتلته الوزارية والموالين له لمغادرة عدن أو عرقلة عملها.
وبالفعل نجح تحالف الحوثي والإصلاح في سحب رئيس الحكومة والوزراء - عدا كتلة الانتقالي الوزارية - من عدن في مارس من العام الجاري، مما كاد أن ينهي عملياً اتفاق الرياض، وهو الهدف المشترك للحزب وجماعة الحوثي المسيطرة على شمال اليمن، والتي تتخوَّف من توحيد الجهود للمعركة معها وتصحيح المسار، بعد أن حرف الإصلاح بوصلتها نحو عدن والجنوب.
واليوم، بعد أن عاد رئيس الحكومة وبعض الوزراء بعد أكثر من نصف عام على المغادرة، يمكن القول إنَّها الفرصة الأخيرة لهذه الحكومة للنجاح، فيما سيعني فشلها إنهاء اتفاق الرياض، والذهاب نحو المجهول.
وقد تزامنت عودتها مع أحداث عنيفة شهدتها عدن، تقف وراءها الأطراف المتضررة من اتفاق الرياض، مثل ما حدث في كريتر بين القوات الأمنية الجنوبية وعصابات مسلحة خارجة عن القانون حاولت تشكيل إمارات نفوذ مصغرة في عدن.
وأيضاً تعرّض محافظ عدن، أحمد لملس، ووزير الزراعة والثروة السمكية بهذه الحكومة، سالم السقطري، لمحاولة اغتيال إرهابية بسيارة مفخخة، وهو ما يدل على حجم النية لإفشال هذه الحكومة وزعزعة أمن عدن.
وعقدت الحكومة أول اجتماع لها في ظل غياب عدد من أبرز وزراءها الذين يقومون بحسب مراقبون بممارسات مشبوهة.
ومع حجم هذه التحديات والمخاطر والحرب المباشرة ضدها، تُعقد آمال على هذه الحكومة للنجاح، خصوصاً مع الضغط الدولي لذلك، وجهود القوات الجنوبية لتأمينها وتسهيل تحركها وأداء مهامها. وقد اجتمعت الحكومة برئاسة معين عبد الملك لأول مرة منذ عودتها لعدن، وخرجت بقراءات وإجراءات هامة يكفل تنفيذها تحقيق تحسين كبير بالوضع.