د. عيدروس النقيب يكتب:
لماذا سقطت بيحان ولم تسقط الضالع؟؟
ليست هذه مفاضلة بين أبناء الضالع وأبناء شبوة وجوهرتها بيحان، ولا بين أي منطقتين جنوبيتين بأي شكل من الأشكال، ولكنه بحث في الأسباب والنتائج ليس إلا. الأسباب التي أسقطت بيحان وحفظت الضالع من الوقوع في قبضة الحوثي مرة أخرى، والنتائج التي تمخضت عنها تلك الأسباب.
قبل 2019م كانت شبوة بكاملها في قبضة الشرعية وكانت النخبة الشبوانية قد اجتثت كل الجماعات الإرهابية، الحوثية والداعشية، وكان مجرد التفكير بسقوط مديرية او قرية او حتى حارة بأيدي الحوثيين او غيرهم من الجماعات المارقة كان ضرباً من الخيال، فقوة المقاومة التي دحرت الجماعة الانقلابية في 2015 والقاعدة وداعش في 2017م كانت آنئذٍ في أوج قوتها وقدرتها على دحر أي عدوان مهما بلغت قوته ومهما كانت هويته.
وعندما غزا "الجيش الوطني" شبوة وتولى زمام الأمور العسكرية والأمنية فيها ودحر النخبة الشبوانية، تحولت المعركة في شبوة من مواجهة مع الجماعة الحوثية ومحاولة تحرير مارب والجوف وريف صنعاء حتى العاصمة، إلى مواجهة مع النخبة الشبوانية ومع ابناء شبوة عموما مثلما هي مع كل ابناء الجنوب.
وبدلاً من توحيد الطاقات لمواجهة المد الحوثي، أثبت "الجيش الوطني" أنه غير مؤهل ليس فقط لدحر الحوثيين وإعادتهم إلى جبال مران، كما قال فخامة رئيس الجمهورية، بل إنه غير مؤهل لحماية الانتصارات التي سرقها من ابناء الجنوب ونسبها لنفسه زورا وافتراءً.
سقوط بيحان واحتمال مواصلة السقوط المستمر في شبوة ووصول الحوثيين إلى شواطئ بحر العرب يعبر عن قضية واحدة لا ثاني لها، وهي أن من يدعون انهم يحمون شبوة لا علاقة لهم لا بشبوة وأبنائها ولا بمهمات مواجهة الجماعة الانقلابية وإنما يكرسون مصالح حزبية وهي بالنسبة لهم اهم من الارض والسيادة والمواطن والوطن.
سقطت بيحان وقد تسقط مديريات أخرى طالما هناك سلطة معزولة عن الوطن والمواطن وعن مصالح ابناء شبوة وانشغالاتهم وهمومهم، بل وضد هؤلاء الناس وتطلعاتهم ومصالحهم واهتماماتهم.
منذ العام 2015 ظلت وما تزال محافظة الضالع ومديرياتها الجنوبية بشكل خاص بما في ذلك مديريات دمت وقعطبة والحشا عرضة لمحاولة الاجتياح من قبل الجماعة الانقلابية بعد أن تم تحرير هذه المناطق من خلال المقاومين المتطوعين الذين لم يحصلوا على الدعم العربي إلا بعد فرار تلك الجماعة بمعسكراتها ومحترفي القنص والقتل فيها.
وفي العام 2018 قام قائد اللواء الشرعي في جبل العود، بتسليم مناطق العود والسدة والنادرة ودمت للجماعة الحوثية وتمم في صنعاء ليزحف الحوثيون باتجاه الضالع وكان ذلك كافيا لسقوط الضالع، المدينة والمحافظة، نظرا لتفوق الجماعة الحوثية تكتيكياً وتكنيكياً وبشرياً وحتى جغرافياً، حيث تتمركز الجماعة في قمم الجبال والمناطق المرتفعة التي تستطيع نيرانها الوصول إلى ما هو أبعد من الضالع المدينة والمديرية.
سقطت بيحان بمديرياتها الثلاث في محافظة شبوة ولم تسقط قرية ولا مديرية في الضالع رغم غياب أية قوة رسمية عن الضالع ووجود عشرات الوحدات العسكرية في شبوة المدعومة من التحالف العربي، مالياً وتكنيكاً وتسليحاً وإشرافاً.
أسباب سقوط بيحان ومقاومة الضالع لا تتعلق بالمواطنين في المحافظتين، بل إن الأمر يتعلق بالعلاقة بين السلطتين والمواطنين في المحافظتين.
ففي الضالع تنصرف السلطة المحلية لأداء مهماتها وخدمة المواطنين في محافظة لا موارد فيها ولا ثروات، وتقف إلى جانب أبناء المحافظة في مواجهة العدوان الحوثي، أو باختصار يتوحد الشعب والسلطة المحلية لخوض معركة الدفاع والأمن والخدمات كجبهة واحدة لا يفرقها مفرق ولا يمزقها ممزق.
وفي شبوة (وبيحان منها) حيث النفط والغاز والثروة السمكية، تقف السلطة في مواجهة الشعب وتوجه اسلحتها ضد المقاومة الوطنية وضد أبناء الشعب عموما خدمة لمصالح حزبية وآيديولوجية وقلَّما توجه اسلحتها ضد الغزاة الانقلابيين إن لم تكن على تنسيق معهم في تسليمهم المناطق بلا مقاومة ولو بطلقة فيشينج.
الذين يدافعون عن الضالع هم أبناء الضالع متَّحدين، سلطةً ومقاومةً ومواطنين ومعهم كل الجنوب، والذين يدّعون انهم يدافعون عن شبوة ليسوا من ابناء شبوة بل وافدون أغراب عن أرضها وأهلها، وهم سبق وأن سلموا ديارهم وارضهم ومناطقهم للحوثيين ولن يكونوا أكثر حرصاً على شبوة الجنوبية من حرصهم على ديارهم وارضهم ومواطنيهم.
الذين يدافعون عن الضالع اعداء تاريخيون، عقائدياً وسياسياً ووطنياً للحوثيين ومشروعهم المستورد، ولذلك لن يفرطوا بشبرٍ ولا بذرة ترابٍ من أرضهم، والذين يدَّعون الدفاع عن شبوة هم أخوة في الرضاعة للحوثيين تربطهم بهم مصالح إثنية ومذهبية وآيديولوجية وسياسية ومادية، وهي عندهم أهم من الأرض والوطن والمواطن والسيادة.