د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الحروب وتدمير الأوطان
الحروب التي تشتعل نيرانها في أي بلد في العالم وتدمر ما بنته الأجيال عبر القرون غالبا ما نجدها دائماً عاجزة عن بناء الاوطان فالحروب دائماً لا تكتفي بأن تعيد الأوطان والمجتمعات الى الخلف عقودا من الزمن بل نجدها توفر المناخ المناسب لبيع الاوطان والمتاجرة بمعاناة الإنسان على يد حفنة من تجار الحروب او ساسة لا يشعرون بقيمة الاوطان وكرامة الانسان وبأوجاع المواطنين البسطاء الذين يدفعون وحدهم ثمن الحروب من دمائهم وامنهم وارزاقهم وحتى اعراضهم التي لا تخلوا من الانتهاك !!
وفي عصرنا الحالي لم تعد الحروب كما كانت في التاريخ القديم عبارة عن منازلة في ارض المعركة يتقاتل فيها الشجعان ويدفع ثمنها كل من يحمل سيف ويشترك فيها بمعزل عن المدنيين ،
فالحروب في الماضي رغم قبحها كانت تنتج ابطالا وفرسانا وقادة وغالبا لها قواعد أخلاقية تحكمها عكس حروب هذا العصر التي أباحت كل المحظورات بإطلاق نيرانها وقنابلها من البر والبحر والجو وتقصف أهدافا ولا تفرق بينها سواء كانت مدنية أو عسكرية ، ونورد شواهد حية منها في البلدان الآتية :
لبنان الأخضر: -1
البلد الجميل الذي حباه الله نعمة السحر والجمال ولقب يوما " سويسرا الشرق " وكان من أرقى مصايف العالم و جحدا أبناؤه يوماً بنعمته وسحر جماله وتقاتلوا خمس عشر سنه وفتح أبوابه على مصراعيها لتجار الحروب وفقد سيادته الوطنية امام دول الاقليم عندما جعلت منه مسرحا لتصفية الحسابات وبعد ان توقفت الحرب افاق اللبنانيون ووجدوا انفسهم بعد خمس عشرة سنة من الحرب بلا وطن وبلا سيادة وطنية ثم انتصروا للطوائف والمذاهب وحتى اليوم يظل المستقبل مجهولا في لبنان ولا زال مفخخاً وغير آمن لان الحرب بكل ادواتها عمقت الشرخ وانتجت معادلة سياسية بعيده عن مفهوم الوطن والمواطن في هذا البلد الجميل .
2 – العراق :
العراق بلاد الرافدين يعيش اليوم حروبا تستهدف في الاساس الهوية الوطنية للعراق ، وتؤسس في الواقع لمعادلة سياسية طائفية واكثر من ذلك تجعل مستقبل هذا البلد العريق والغني في الجغرافية والتاريخ على كف عفريت مذهبي وطائفي يرى في حدود المذهب او الطائفة اكبر من العراق الحضارة والتاريخ والانسان !!
3- اليمن :
اليمن السعيد بلاد الإيمان والحكمة يعيش اليوم اخطر حروبه الداخلية عبر التاريخ، اسقطت السيادة الوطنية وسيادة الدولة وعمقت حالة الانقسام الاجتماعي والسياسي والثقافي ، والحرب انتجت تجارا وساسة بلا ضمائر ، فالحرب في اليمن تستهدف في الاساس مفهوم الوطن والمواطن ومفهوم الهوية الوطنية
والأخطر من ذلك ان تنتهي بفرض معادلة سياسية مذهبية او طائفية تحكم مستقبل اليمن على غرار ما حدث في لبنان والعراق او ان يستسلم أهل اليمن لذلك تحت ضغط الحاجة الى السلام
أو تستمر الحرب في اليمن لعدة عقود لا يعلمها إلا الله .
د .علوي عمر بن فريد