حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):

الأمازيغ لا يبيعون الخبز ! 

استوقفتني رسالة "واتس" محملة بفيديو لقاء راعي الغنم موحا وحماره بسائحتين فرنسيتين ، وجملته البسيطة "نحن لا نبيع الخبز" التي أثارت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي ، والتي سأحاول-في سياق إخباري تحليلي- إستنطاق حقيقتها وواقعيتها وتاريخيتها ، والكشف بدقة عن أبعادها الاجتماعية التي قُوبلت بعواصف عارمة من التعليقات الجادة منها والساخرة ، التي وصفها البعض بأنه نموذج للأخلاق النبيلة التي تزخر بها الثقافة الأمازيغية ، ويتحلى بقيمها الإنسان الأمازيغي والمتمثلة في الفورسية والبسالة والإقدام والقناعة والبساطة والتسامح والانفتاح والكرم والعطاء ودفئ الترحاب وحسن الإستقبال والضيافة ، وغيرها كثير من القيم الإنسانية الكونية التي تدعو  للافتخار، بينما اعتبر البعض الآخر أن شريط محمد ما هو إلا مجرد شريط ترويجي للسياحة مدفوع الثمن ، وذهب غيرهم إلى أنه ، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مدعاة للافتخار ، وأنه أدعى للبكاء والخجل مما روج له من البؤس والمعاناة والتهميش الذي يعيشه دوار آيت موسى ويشو جماعة تلمي اقليم تنغير موطن موحا ، وباقي المغرب المنسي، الذي يسكنه الأمازيغ . 

ومهما كانت حدة التعليقات وقساوة الانتقادات التي انصبت على هذا الشريط ، فقد استطاع -رغماً عن محاولات التعتيم و التشويه والإعدام التي تعرض لها- بصدقية شهامة ورجولة موحا وابتسامته العريضة ، وقناعته العفويته وكرمه الأصيل المتأصل ، أن يعطي للعالم صورة حقيقية وشمولية عن الأخلاق الحسنة والقيّم الإنسانية النبيلة التي يتميز بها أمازيغ المغرب - رغم الفقر المدقع  -عن غيرهم من الأمم ، الصورة التي أكسبته قلوب الآلاف ، بل الملايين من الذين تابعو فيديواته التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الوطنية والعالمية وخاصة فرنسا ،وطن السائحتين ، وأثر بالإيجاب على السياحة المغربية ، بما أعاد لها من ثقة أمن وآمان الذي أفقدته إياها بعض الأحداث الإرهابية كحدث "جبل شمهروش"...  

وفي الختام ، ادعوا الفايسبوكيين لتكريم موحا، لأنه يستحق أن يكون نجم اللحظة بدون منازع ، فقف شامخا يا "موحا" وعانق الأنجم ، يكفيك فخرا أنك حفيد الأمازيغ ، الذين إن بنوا أحسنوا البنا، وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا، وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها، وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا ، قف شامخا ، وليكن شموخك نكاية في المفترين المكذبين بشهامة ورجولة وكرم وعطاء الشعب المغربي وباقي قيمه الإنسانية النبيلة، وكما يقال : "كل الخسائر المادية تهُون أمام نيل أي انتصار قيمي يُحدث آثارا إيجابية" . 

ـــــ وكامل إعتذارى للشاعر عبد الله ابن شبرمة الضبي، لتصرفي في شعره الراشع.