د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

إلى الذين لا يقرأون التاريخ !!

يسعى المتنفذون الشماليون "الزيود " إلى الهيمنة على الجنوب من جديد في محاولات يائسة وبائسة إلى لي عنقه وتطويعه تحت مسمى " الوحدة اليمنية " وتسييد آرائهم وهويتهم ومذهبهم رغم أقليتهم ، بل وكما هو واقع الحال لا زالوا يفرضون ثقافتهم على الأكثرية اليمنية الشمالية من الشوافع التي يسير بعض أبنائها في ركابهم مع الأسف الشديد وهم ساكتون وخانعون للحوثيين الذين يعملون على الحط من شأن كل المختلفين معهم مذهبيا وثقافيا منذ عصر الأئمة على شمال اليمن لعقود طويلة ، ويرون في المختلفين معهم خطرا على وجودهم نفسه، ويعملون بجهد للإعلاء من شأن ثقافتهم والحط والسخرية والاستهجان بثقافات الآخرين !!
ولا زالوا يعيشون داخل أبراج مظلمة بعيدا عن الواقع ويستجرون خطابا مستهلكا من عهد الامامة قد أكل عليه الدهر وشرب بل ونام ،ويستقوون في ذلك بالاستعانة بسادتهم في قم وطهران كما يقودهم في ذلك المسار التعصب الأعمى للرأي برسم خيالات جامحة لحكم اليمن بريشة أعمى البصر والبصيرة في غفلة من الزمن ينعدم فيها كل اتزان عقلاني وتكون النتيجة نقمةً جامحةً طائشةً تسيطر فيها نزعةُ الكراهية المتطرفة و دوامةُ العداء السوداوي ضد الجنوب الرافض والمقاوم لسيطرتهم الأحادية مع تواتر لغة التعصب الأعمى عينا وقلبا من جانبهم ، يجدها المرء تتجسد حية أمامه في بلاد مثل اليمن لا تجد مسافة تفصل بين سرديات الحقد الإعلامي وتوجيهات عنصرية الخطاب السياسي. وهناك خلط ملحوظ في تدهور هذين الخطابين برزا بقوة منذ غزو الجنوب عام 1990م تحت شعار الوحدة القسرية بل منذ عدة أجيال والشماليون يحاولون فرض سطوتهم على الجنوب ورغم الغزوات التاريخية منذ عهد مكاربة سبأ حتى عهد المتوكل إسماعيل إلا أن محاولات تلك الغزوات الحربية باءت بالفشل الذريع لاختلاف البعدين الديني والثقافي بين الجنوب والشمال من خلال شعارات كاذبة يرفعونها بين الحين والآخر لا تنطلي إلا على السذج والجهلة والذين لا يقرأون التاريخ !!
ونجد هؤلاء الأبالسة يعملون جاهدين ليس في تزييف تاريخ الجنوب بل ومحاولة محوه والاستخفاف به والتحقير له ولمؤسساته ومنابره الإعلامية ورموزه الوطنية لأنه شب عن الطوق وأصبح عصيا عليهم ، كما يحاولون تشويه مقاومة أحرار الجنوب ضدهم للبقاء مقيدي الأرجل ومكتوفي الأيدي ومسلوبي الإرادة في زريبتهم كالماشية ، لينهبوا ثرواته في البحر العربي ومخزونه النفطي والغازي في شبوة وحضرموت وكل محافظات الجنوب الأخرى !ّ!
في المقابل، لم ينجرف الخطاب الجنوبي في بعديه السياسي والإعلامي نحو تركيب عدائية مضادة، أو رد الصاع صاعين كما تقول العرب ولا تتوازى كفتا الميزان بين تدهور الخطابين الشمالي والجنوبي منذ حرب عام 1994 وارتداداتهما التي تجاوزت كل الأعراف والمواثيق بل والقيم النبيلة ، وهيمن الشك والريبة لدى كل طرف من نوايا الطرف الآخر وخاصة الجانب الشمالي الذي بغى وطغى ويسيطر على قراره حفنة من اللصوص السياسيين والعسكريين وشلة من مشايخ القبائل ووجاهات دينية تعتمر عمائم التقوى والزهد والصلاح نهارا وتمارس الفجور والفساد ليلا !!
قد يكون خطاب العداء من أدوات المعركة السياسية في تقدير البعض، وقد تندفع الحماسة الى التمادي في سوداوية الخطاب إزاء الآخر ومحاولة شيطنته ودمغه بأوصاف قدحية مجانية ويصبح سكينا ذا حدّين، وكلما تخندق الخطاب اليمني الشمالي في لغة الشتيمة والتشهير بالجنوب ورجاله ، فإنه يظهر ضعف المخيلة السياسية وركاكة خطاب نخبه من القوى المتنفذة ممن يعتبرون أنفسهم أوصياء على الشعب اليمني شمالا وجنوبا وأنهم وحدهم أهل الحل والعقد في تحديد مساراته ورسم حياته ومستقبله وهم في الوقت نفسه ينظرون باستعلاء للجنوب وأهله وهو في نظرتهم الدونية مجرد فرع هزيل ومتمرد ، ويصنف في قواميسهم العنصرية مجرد وصمة سلبية يجب ازاحتها من المشهد السياسي بالبتر ومصادرة أرضه كاملة بكل ما فيها من بحر وسهل وجبل بفعل التشبع بضرورة القطيعة والتسلح والترويج لخطاب "صراع وجودي"، سرمدي أزلي بحمرة الأرض وزرقة البحر وصفاء السماء المشتركة حتى أصبح البعض منا قد شطح بعيدا في خياله وتمنى أن يفصلنا عنهم مياها بعمق وبعرض البحر الأحمر !!
د. علوي عمر بن فريد