د. عيدروس النقيب يكتب:
لقد قالها وزير الدفاع !
كنا منذ البداية نقول أن قوات المنطقة العسكرية الأولى التي تشمل أكثر من ١٤ لواء من مختلف التخصصات، لا وظيفة لها إلا حراسة الحقول والقطاعات النفطيةالممتدة على مساحة تلك المنطقة.
قبل ٢٠١١م كانو يقولون أن القوات العسكرية في هذه المنطقة المترامية الأطراف التي تشمل مساحة تزيد على مساحة الجمهورية العربية اليمنية-كانوا يقولون إن القوات في هذه المنطقة تتصدى لــ”القوات المعادية”، ولكن بعد أن تحولت ما يسمونها بــ”القوات المعادية” إلى قوات داعمة للشرعية وقيادتها وكفيل دائم لكل الشرعيين، زالت هذه الحجة الخرقاء، فاضطروا إلى الاعتراف بالحقيقة التي ظللنا نكررها منذ ١٩٩٤م والتي ظلوا يتنكرون لها بعناد يخلو من كل مؤشرات الحكمة والعقلانية.
شخصيا لا اخفي إعجابي الشديد بوزير الدفاع الشرعي محمد علي المقدشي، فهو يقول الحقيقة بذكاء شديد حينما يتنكر لها معظم إدعياء التذاكي والتحاذق.
يقول وزير الدفاع أن القوات المسلحة في المنطقة العسكرية الأولى والثالثة تؤمن حماية المنشآت النفطية التي تزود البلاد كلها بحاجتها من الوقود، وأضاف: أننا نزود كل البلاد بالنفط ومشتقاته بما في ذلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
من المهم ونحن نتحدث عن هذه القضية الحساسة أن نشير إلى الحقائق التالية:
1. إن قوات المنطقة العسكرية الأولى هي قوات شمالية شقيقة بكل افرادها وقيادتها وقادة الوحدات والألوية وأن عدد الجنوبيين فيها لا يصل إلى عدد أصابع اليدين والرجلين، وأن وجود هذه القوات مقترن بغزوة ١٩٩٤م وظلت تلك المنطقة على ما هي عليه لقرابة ٣ عقود.
2. وفي العام 2014م وبعد سيطرة الحوثيين على صنعاء كانت قوات المنطقة الأولى قد كانت جاهزة لترديد الصرخة لكن الرئيس السابق نصحهم بالتأني وتجنب ضربات قوات التحالف، ومنذ يومين ومن على شاشات التلفزة أعلن أحد الإعلاميين من أبناء وادي حضرموت، حيث تقع قيادة تلك القوات، أن أفراد المنطقة العسكرية الأولى قد رددوا الصرخة الحوثية مرارا، لكن الإعلام لم يعر الموضوع الاهتمام الكافي وجرى التستر على الأمر من قبل الإعلام الشرعي، وهو ما يؤكد أن لا فرق بين الجماعة الحوثية وبين قوات الشرعية في هذه المنطقة، وبمعنى آخر إن هذه القوات هي ذراع حوثي كامن سيعلن عن نفسه وقت الحاجة، ويبدو أن هذه الحاجة قد أخذت في الاقتراب.
3. إن الوكلاء المحليين لشركات التنقيب عن النفط وإنتاجه في هذه المنطقة الجنوبية كما في كل القطاعات والحقول النفطية هم من الأشقاء الشماليين، وإذا كان هناك جنوبيون لديهم فهؤلاء لا يعملون إلا كوسطاء وسماسرة وناقلين فقط وبما يوافق لهم عليه الأشقاء.
4. إن النفط الذي يذهب إلى الشمال حيث الهيمنة الحوثية ليس مسخَّرا للأغراض التمونية والخدمية والإنسانية، بل إن يذهب لتزويد خزانة “المجهود الحربي” الحوثي بمليارات الريالات، فالطبقة المسيطرة على تجارة النفط هي الجماعة الحوثية دون سواها ومن هنا يمكن استكشاف مزيد من البراهين على التخادم والتكامل بين خاطفي الشرعية وبين الجماعة الحوثية ، فالأولون (خاطفو الشرعية) ينهبون الثروات الجنوبية ويعبثون بعائداتها ويضيفونها إلى أرصدتهم البنكية في بنوك ومصارف العالم، والأخيرون (الحوثيون) يستلمون نفط الجنوب عن طريق أشقائهم في الشرعية لتسويقه في مناطق الشمال وتحقيق عائدات مليارية من الاتجار والمضاربة بهذه المادة الضرورية لحياة الناس بينما يعاني أبناء حضرموت وكل أبناء الجنوب من الاختناقات المتواصلة في مادة الوقود بانتظار ما يتصدق به الأشقاء لتشغيل محطات الكهرباء وسد القدر الضئيل من احتياجات السوق المحلية الجنوبية.
* * *
الهبة الحضرمية الثانية التي تمثل انتفاضةً شعبية مكتملة الأركان ضد السلب والنهب والعبث بثروات حضرموت وحرمان أبنائها من أبسط مقومات الحياة، أخذت في التصاعد المنتظم والمتماسك، وهي تنتقل كل يوم إلى طور أرقى من الذي سبقه.
قوات المنطقة العسكرية الأولى تقف أمام خيارين: إما الالتزام بتنفيذ اتفاق الرياض، والقيام بواجبها الوطني والانتقال إلى مناطق التماس مع الحوثيين، على افتراض أنها مؤيدة للشرعية وعلى افتراض أن كل مؤيد للشرعية يحارب الحوثيين، وإما الدخول في مواجهة مباشرة مع جماهير حضرموت في الوادي والصحراء ومعهم سيقف كل جنوبي، يحترم كرامته وآدميته وحقه في تقرير مصير الوطن.
ولو تقبَّلَ القائمون على قيادة المنطقة العسكرية وعلى الملف الأمني والعسكري “الشرعي” عموما، لو تقبلوا نصيحتي فإنني أنصح أن تسلم مهمة حماية المنشآت النفطية لأبناء حضرموت ونخبتهم الأمنية التي شهد لها القاصي والداني بالنجاحات المبهرة، وتتحرك ألوية المنطقة العسكرية الأولى إلى مأرب وتتعلم من ألوية العمالقة الجنوبية كيف تواجه العدو وتلحق به الهزيمة وستؤكد بذلك أهليتها لتُسَمَّى جيشاً وطنيا، أما الإصرار على البقاء في حضرموت، ورفض التحرك إلى مأرب، والاستعداد للتحرك باتجاه عدن (كما قال قائلهم) فإنما يضيف تأكيدا ثالثا على التجانس والتخادم وتقاسم الوظائف بين هؤلاء وبين إخوتهم في الرضاعة الحوثيين المهيمنين على أراضي الجمهورية العربية اليمنية.
“وما الله بغافلٍ عما تعملون”