د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
مواطن بلا وطن !!
مؤلم أن تعيش بلا وطن يأويك ولا مكان يحتويك. مؤلم أن تساورك شكوك أن لا مكان يحبك لتمتد جذورك به لتزهر وتثمر كشجرة اختارت لها من الأرض بقعة أحبتها إلى أن ماتت وهي شامخة في مكانها !!
لا شيء يعدل الوطن ولا مكان يستحق القتال غيره، هذه الحقيقة التي يجب أن يؤمن بها كل البشر ليدركوا كيف أن الحياة بلا سقف تقتطعه من هذه السماء الشاسعة لترفع رأسك إليه وتحمد الله عليه وبلا تراب تلامسه يداك وأنت تقول لا شيء يعدل تراب وطني خالية من طعم الأمان .
أيها المتنفذون الجاثمون على أرض الوطن :
بالله عليكم ألم تمتلئ خزائنكم بالمال، ألم تعاني أرصدتكم في الخارج التخمة البغيضة من أموال الوطن والمواطن؟
قتلتم وشردتم أبناء الوطن لم ترحموا شيخا ولا أمرأة ولا طفلا
شطبتم من قاموسكم كل مفردات الإنسانية فلا ضمير ولا حياء ولا وطنية ولا أخلاق ولا مسؤولية بقيت في هذا القاموس البغيض الذي يدلّ على نفسياتكم المريضة كالوحوش الضارية، تأكلون الأخضر واليابس ولحم المواطن ولا يرفّ لكم جفن !!
كان بإمكانكم أن تتنافسوا على النهوض بالوطن الى مصاف الدول المتقدمة ولكنكم أبيتم إلا بنقل صراع المحاور الى أرضه وسمائه وقسمتموه إلى مذاهب وقبائل تتناحر وتتقاتل للدفاع عنكم
لو خدمتم وطنكم من خلال محاوركم لكان أشرف لكم، ولكنكم كنتم أداة خاضعة للخارج لقتل بعضكم البعض وتدمير الوطن .
لك الحق أن تكون مع من تريد إلا العدو، واخدم وطنك لا أن تكون عبدا ومنفذاً للآخرين ولكنكم
اعتمدتم ثقافة القطيع وليس مناعته من الحقد الطائفي والقبلي ، جعلتم التفرقة والعصبية والبغضاء هي الخطاب لدى مكونات هذا الشعب العريق ، بدل أن ترسخوا لغة المحبة والتعايش والمواطنة المتساوية والتي تدعو إليها كل الأديان السماوية والقوانين تجرّدتم من إنسانيتكم ونقلتموها الى هذا القطيع حتى أصبحنا متناحرين ونموت دفاعاً عن هذا الزعيم أو ذاك المسؤول أو تلك الطائفة
أصعب ما يمكن أن تبحث عن وطن، ولكن الأصعب من ذلك أن ترى أبناء هذا الوطن هم من يدمّرونه
يا أبناء اليمن استفيقوا فان تأتي متأخّراً خير من أن لا تأتي، لأن هؤلاء النافذون سقطوا بكل المفاهيم والشعب هو مصدر السلطات وطالما أنتم لم تخلعوا ثوب المذهبية والطائفية والآنا والعنصرية لن تحصلوا على وطن، فانظروا ما أنتم فاعلين ؟!!
أما أن تتوحدوا لنبذهم أم سيكملون مشروعهم بقتلكم وتشريدكم في بقاع الأرض، لانهم لم يتركوا لكم خياراً سوى الهجرة والتشرد من الوطن، لذلك لا تحبطوا أو تيأسوا !!
المطلوب فقط توحّدكم لتغيير هذه المنظومة الفاسدة. أمامكم اما مستقبل في وطن لأطفالكم يليق بهم، واما اصمتوا للأبد... فالأوطان تُبنى بأيدي الوطنيين الشرفاء وليس بأيدي العملاء... التفاهم والجلوس مع جيرانك واخوانك بالوطن أفضل من التفاهم مع الخارج الذي لديه أطماع وأجندات يريد تنفيذها من خلالك !!
بلى أيّها الوطن سوف نرثيك في محنتك التي صنعها لك أبنائك بقدر ما حاكها لك أعداؤك. حين انهالت يَدُ الأخ بخنجر مسموم تطعن صدر أخيه الأعزل العاري وتستبيح ماله وتقوّض بناياته وتهدم أركانه ثمّ حين صرخ الأخ الطّعين واغَريباه مستفِراً ألف خنجر لتنهمر على صدر الأخ الطّعين بطعناتها النّجلاء المُمَزّقة زاعِماً أنّ الطّعنات التي تنال أخاه لن تنالَ إلاّ أخاه وغافِلاً عن الحقيقة المرّة وهي أنّ الجسد الواحِد لا تلتئم منه الذّراع بأن تقطع منه الرأس. وأنّ العَدوّ في النهاية ليس عدوّاً لأخيه وحسب بل عدُوٌّ له أيضاً .
وصدق الشاعر فاروق جويدة في قصيدته بعنوان :
ماذا أصابك يا وطن؟
الآن يا وطـني أعود إليك تـوصد في عيوني كل باب
لم ضقـت يا وطني بـنـا قد كـان حلـمي أن يزول الهم عني..
عند بابـك قد كان حلمي أن أري قبري علي أعتابـك
الملح كفـنني وكان الموج أرحم من عذابـك
ورجعت كـي أرتاح يوما في رحابك
وبخلت يا وطني بقبر يحتويني في ترابك
فبخلت يوما بالسكن والآن تبخـل بالكفـن
ماذا أصابك يا وطـن.
د . علوي عمر بن فريد