د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

المصالح وليس الأخلاق تحكم العالم !!

نعم انه عالم الأقوياء ومهما تشدقوا بالحضارة التي يتدثرون بها لخداع الشعوب فهم نسخة طبق الأصل من أسلافهم الأوربيون في العصور الوسطى والفرق بين الطرفين أن أجدادهم كانوا يلبسون جلود الحيوانات وأحفادهم اليوم يلبسون الحلل العسكرية المطرزة بالنجوم والنياشين والبدل الاسموكن الأنيقة لرجال السياسة والتي تضفي عليهم الطيبة والبراءة وهم في الحقيقة ذئاب بشرية متوحشة
وهؤلاء" الخمسة الكبار" هم من أسس الأمم المتحدة ومنحوا أنفسهم حق الفيتو ليستمروا في انتهاك كل المواثيق والقوانين المعلنة في الأمم المتحدة نفسها دون أن يردعهم أحد اما شعوب ودول العالم الثالث ،والدول النامية وبعض الدول الصغيرة في أوربا مثل : البوسنه والهرسك والبانيا والجبل الأسود ومقدونيا وصربيا التي كانت سابقا جزء لا يتجزأ من الدولة العثمانية ثم أصبحت فيما بعد جزء من يوغسلافيا وكذلك الحال بالنسبة للمجر وبولندا وحتى المانيا التي قسمها الحلفاء الى دولتين بعد الحرب العالمية الثانية قبل أن تتقسم وتتجزأ فقد كانت دائما ضحية مصالح وأطماع الدول الكبرى في أوربا التي لا ترى نفسها مثل شعوب آسيا وأفريقيا بل ترى أن تلك الشعوب ليس من حقها الحياة والعيش بكرامة وأمن واستقرار ونماء وازدهار بل لابد من تركيعها وإذلالها ونهب ثرواتها ،وأن تعيش دائما تحت وصاية تلك الدول الكبرى التي تأكل الكافيار الروسي والأيسكريم الفرنسي أما بقية الشعوب فليس من حقها أن تأكل حتى الخبزاليابس والبصل لكي تبقى مصابة بفقر دم ،وتستمر عالة على تلك الدول ،وتصبح سوقاً رائجة لبضائعها ومكتشفاتها ومخترعاتها ومصانع أسلحتها وسياراتها وجميع الضروريات والكماليات التي تنتجها مصانعها ،وامتصت خيراتها وثرواتها الطبيعية لعقود حتى تطلب منهم مد يد المساعدة لهم للقضاء على المشاكل التي خلقتها تلك الدول الكبرى لتلك الدول المستضعفة؟!
هذه هي السياسة فإما تقاطع مصالح أو تباعد مصالح .المصالح تأتي أولاً ولا مكان فيها للضعفاء ولا للجانب الإنساني ، والبعد الإنساني مفقود بل يغيب عندما تكون المصالح حاضرة، وكذلك البعد الأخلاقي. الدول الكبرى هي دول استعمارية تستعمر ليس فحسب الأرض بل والشعوب لكي تجعلها تدور في فلكها اقتصادياً وثقافياً وانتماء وولاء إلى غيرها من المجالات الأخرى . الدول العظمى تهمها مصالحها ولا يهمها أي شيء آخر. توقعنا انتهاء الاستعمار في الألفية الثانية وإلى الأبد ولكن الاستعمار لم ينتهِ بل أتى بثوب جديد ،في هذه الألفية الثالثة، ومادامت المصالح هي المحرك له فلن يعرف العالم الأمن والاستقرار!!
والسياسي الحصيف يرجع ذلك كله إلى مشكلتين في هذا الأمر: الأولى، قلة من الحكومات الغربية تصدق هذا النفي، والثانية، لم يشرح بوتن لماذا حشد أكثر من نصف القوات المسلحة الروسية، بما يزيد على 130 ألف جندي على حدود أوكرانيا ؟!!
ما الذي دفع بوتين لذلك ؟!
وللإجابة على السؤال لا بد من الإجابة عن الأسئلة التالية
هناك العديد من النظريات، منها أن بوتن يريد إعادة بناء دائرة النفوذ الروسي في شرقي أوروبا، وخاصة في الجمهوريات السوفيتية السابقة مثل إستونيا ولاتفيا وبيلاروسيا وجورجيا وليتوانيا وأوكرانيا .
ولقد تحسر بوتن كثيرا على خسارة هذه الدول بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تقول "الغارديان" البريطانية.
ويأمل بوتن في أن يُظهر للغرب وللروس أيضا أن روسيا لا تزال قوة عظمى، رغم أنها بحسب معظم المقاييس (مخزونات الأسلحة النووية والجغرافيا) قوة متوسطة الحجم وفاشلة ، والسؤال المطروح هو: لماذا أوكرانيا ؟!!
يخشى بوتن من أن أوكرانيا المهمة استراتيجيا، لكونها تسيطر على الجناح الجنوبي الغربي لروسيا، ستندمج أكثر فأكثر مع الغرب، ويعترض على اقترابها المتزايد من الناتو ، كما يعارض تطوير كييف لعلاقاتها مع الاتحاد الأوربي .
والأسوأ من ذلك، من وجهة نظره، أن أوكرانيا ديمقراطية، وتتمتع بحرية التعبير وحرية الإعلام، وفي المقابل، لا يتمتع الروس بمثل هذه الحريات، لذلك فإن حذوا حذو جيرانهم، فلن يستمر بوتن طويلا في الحكم !!
والحنين إلى الماضي جزء من فكر بوتن، الذي يعتبر أوكرانيا جزءا لا يتجزأ من روسيا التاريخية وفقدانها هزيمة لروسيا في الحرب الباردة!!

د . علوي عمر بن فريد