د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

سرقة العقول قبل الأوطان !!!

سأضرب لكم مثلا بهذه القصة التي تقول : في هذا المقال
أن أحد الأشخاص كان يمتلك خروفا وحينما أراد بيعه أوقعه حظه العاثر في أربعة من اللصوص كانوا يراقبونه واتفقوا فيما بينهم على سرقة هذا الخروف فتوزعوا على الطريق المؤدي الى السوق ، ومر صاحب الخروف أمام اللص الأول وألقى عليه السلام فرد اللص السلام وسأله لماذا تربط هذا الكلب وتقوده خلفك ؟! فالتفت الرجل نحوه وقال له :
هذا ليس كلبا إنه خروف سأذهب لبيعه في السوق ثم تركه واكمل السير الى أن ظهر أمامه اللص الثاني وسأله نفس السؤال فرد عليه بنفس الإجابة ولكن الشك بدأ يتسرب إلى قلبه فأخذ يتحسس الخروف ليتأكد هل هو كلب فعلا ؟
وبعد مسافة التقى باللص الثالث الذى كرر عليه نفس الأسئلة السابقة فاندهش صاحب الخروف وزادت حيرته ونظر إلى اللص ثم انصرف دون أن يجبه بكلمة لأنه بدأ يتأكد أنه يقود «كلبا» وليس «خروفا» !! وبعد مسافة التقى باللص الرابع الذى قال له :
ماذا حدث لعقلك تربط الكلب وتقوده خلفك؟!!
هنا تأكد صاحب الخروف أنه يقود كلبا وليس خروفا فليس من المعقول أن يكون الأشخاص الأربعة كاذبون ثم التفت إلى «اللص» وقال له : اعذرني لقد كنت في عجلة من أمري فاعتقدت أن هذا الكلب خروفًا فربطته لأذهب به إلى السوق لأبيعه ولم يتبين لي أنه كلب إلا الآن، ثم فك وثاق الخروف وأطلق سراحه وعاد مستعجلا إلى بيته يبحث عن خروفه .. !!
وفى هذه الأثناء كان اللصوص قد نفذوا خطتهم وباعوا الخروف في السوق.
إلى هنا انتهت القصة كما قرأتها ولكنها تركت في ذهني حقيقة مؤكدة وهي أن هؤلاء اللصوص قد سرقوا عقل الرجل قبل أن يسرقوا خروفه ..!! نفس الشيء تفعله بعض القوى والجماعات الإرهابية التي تبث سمومها في أرض الوطن ، ونحن نتعرض اليوم لهجوم شرس من تلك الأيادي القذرة للجماعة الإرهابية وهو هجوم يستهدف في المقام الأول سرقة العقول تمهيداً لجريمة أكبر وهى سرقة الوطن !!
وحين تسرق الأوطان تُصبح مزرعة للصوص والإرهابيين ، ويزدَاد الغنيُّ غنى، والفقيرُ فقرا، ويوقَّر السفيه، ويُسفه الشريف، ويرتفع المُفسد، ويُهان الكريم، ويُحتقر المعلّم والمتعلّم ويهان العلم ويعلو شأن الجاهل، ويُقرَّب المنافق، ويُسجَن صاحب القلم الحر، ويُكافأ المسيء، ويَتسلّط الوضيع، وتُقمع النوايا، وتُخترق القوانين، ويصبح الفساد عرفا، والسرقة فنا، والمفسدون جزءا من الوطن، وتصبح الرشوة مصدرا للرزق، ويكون الحرام حلالا والحلال حراما تضيع الأوطان !!
حين تسرق العقول وتهمش الكفاءات وتُداس الكرامات وتتحوّل الثورة إلى ثروة، ويتحوّل الوطن إلى سجن كبير والمنادي بالحرية مارقا، والحر عبدا في وطنه، والمجرم طليقا، والسجّان مسجونا. ويكون المشعوذون أكثر من الحكماء، والدهماء منظرون ، وكل من أطلق لحيته إماما وقدوة ، وكل فاجر بطلا، وكل مصلح خائنا وعميلا. وحين يصبح الوطن مستباحا، وخزائنه منهوبة، تضيع الأوطان !!
وحين يصبح الموظف الفقير ثريّا بين يوم وليلة، تُصاغ القوانين لخدمة المتنفّذين، ويتحكّم التجار في لقمة الفقراء، وتصبح ثروات الوطن بأيدي اللصوص، ويتحول الدين إلى سلعة، والمذهبية شعارا، والغريب مقرّبا، والمواطن مُطارَدا، والمثقف متهما، والصحافة سخافة، والإعلام مضلِّلا، وحين ترتفع راية الباطل،

ويصبح الاحتيال شطارة، والنفاق طهارة وعند ذلك تضيع الحقوق وتسقط الأوطان !!
وقي الختام اليكم انقل لكم وصية لص : عند وفاة كبير اللصوص في العهد العباسي، كتب وصية لأتباعه من السارقين والحرامية، ومما قال في وصيته: لا تسرقوا امرأة ولا جاراً ولا نبيلاً ولا فقير،اً وإذا غُدر بكم فلا تغدروا بهم، وإذا سرقتم بيتاً فاسرقوا نصفه واتركوا النصف الآخر ليعتاش عليه أهله، ولا تكونوا مع الأنذال أو الظلمة أو القتلة.
فأين نحن اليوم من لصوص زمان ولصوص اليوم ؟!!
أكيد لا مقارنة !!
د . علوي عمر بن فريد