د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

الكتابة عن الحب !!

يعاتبني العديد من الأصدقاء عن الكتابة الدائمة في الشأن السياسي  وعدم الكتابة عن قصص الحب التي تولد حتى في زمن الحرب  وحجتهم في ذلك ان الحياة مستمرة  بل ويزداد تشبث الإنسان بأهداب الأمل حتى في أحلك الظروف وأقساها  سوادا وقتامة ورغم ذلك كله لن أكتب عن تجاربي الخاصة في هذا الجانب ولكنني سألبي طلب أصدقائي لتجارب عشاق لهم بصمات كبيرة سجلوها على جبين الزمن تروي فصولها تجاربهم وكان آخر قصة بعث بها زميل دراسة وصديق عزيز وألمعي ومبدع في دراسته منذ الصغر حتى أصبح طبيبا مشهورا يشار اليه بالبنان ويتمتع بروح الفكاهة والمرح ولكن روحه لا زالت شابه تتحدى السنين !!
نجاة الصغيرة والشناوي :
ما أقسى الحب عندما يكون من جانب واحد فقط  وهذا هو ما حدث بين كامل الشناوي ونجاة الصغيرة عندما كتب اغنيته الشهيرة
"لا تكذبي " التي لحنها وغناها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب كما غنتها حبيبة الشناوي نجاة الصغيرة وسكب لها في تلك الأغنية  أشواقه وحنينه وحبه الجارف  وطرزها الموسيقار عبد الوهاب بأعذب الألحان !!
كان شاعرنا الكبير الشناوي  يعرف أنها لا تحبه  لكنه أستمر ووفي لحبه لآخر نفس قد يكون غير وسيم ولكنه كان يملك قلبا أكثر جمالا من ملامحها الرقيقة ،وعندما سألوه قال :
" إنها تحتل قلبي ، تتصرف فيه كما لو كان بيتها تكنسه وتمسحه و تعيد ترتيب الأثاث وتقابل فيه كل الناس ، شخص واحد تتهرب منه صاحب البيت "وفي عيد ميلادها اشترى الهدايا وجهز المكان  بنفسه وبعد ما أشعل  الشمع اختارت يوسف ادريس ليمسك يديها و يقطع معها الجاتو ، خرج وكأن السكين في قلبه  وقال بعدها :
" إنها كالدنيا تتجدد بالناس .. ولا تكتفي أبدا "
شاهدها مع يوسف إدريس وهو يقبلها ,, رفع سماعه التليفون وقال لها : " لا تكذبي ، إني رأيتكما معا !
ردت عليه : الله حلوه أوي سأغنيها " وكأن الكلام ليس لها!!
ولأنه لا يملك غير الكلام كتب لغريمه يوسف إدريس "
حبيبها لست وحدك حبيبها " التي غناها عبد الحليم حافظ
ولما يأس استسلم للموت في ديسمبر عام 1965م وقال :
" لم تعد الحياه كما كانت ، ولم أعد أنا أنا "
وكتب كلمات أغنية《 لا تكذبي》 التي تقول :
 
لا تكذبي إني رأيتكما معا
ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا
ما أهون الدمع الجسور إذا جرى
من عين كاذبة ٍ فأنكر وادَّعى
إني رأيتكما .. إني سمعتكما
عيناكِ في عينيهِ في شفتيهِ في كفيهِفي قدميهِ
ويداكِ ضارعتانِ ترتعشان من لهفٍ عليهِ
تتحديان الشوقَ بالقبلاتِ
تلذعني بسوطٍ من لهيبِ
بالهمسِ , ، باللمسِ ، بالأهاتِ , بالنظراتِ ,
باللفتاتِ, بالصمتِ الرهيبِ
ويشبُ في قلبي حريقْ
ويضيعُ من قدمي الطريقْ
وتطلُ من رأسي الظنونُ تلومني
وتشدُ أذني
فلطالما باركتُ كذبك كله
ولعنتُ ظني
* * *
ماذا أقول لأدمع ٍ سفحتها أشواقي إليكِ ؟
ماذا أقول لأضلع ٍ مزقتها خوفا عليكِ ؟
أأقول هانت ؟..
أأقول خانت؟..
أأقولها ؟..
لو قلتها أشفي غليلي
يا ويلتي
لا ، لن أقولَ أنا ، فقولي
* * *
لا تخجلي
لا تفزعي مني ، فلستُ بثائرِ ..
أنقذتني
من زيفِ أحلامي وغدرِ مشاعري...
فرأيت أنكِ كنتِ لي قيداً حرصتُ العمرَ ألا أكسره
فكسرتهِ
* * *
كوني كما تبغينَ
لكن لن تكوني ..
فأنا صنعتك من هوايَ ، ومن جنوني
ولقد برئتُ من الهوى ومن الجنون ِ ..
وختاما نقول :
لا يعترض أحد على أن الحب يمنح للحياة نكهة السعادة وأمارات الفرح  ولكن عندما يكون الحب من طرف واحد، والصبر من طرف واحد، والتنازل من طرف واحد مصدر للتعاسة والشقاء ، إن الحب كما يقولون :
«نعمة عظيمة ينعم بها المحبون، لكن هذه النعمة قد تتحول في أحيان كثيرة إلى معاناة قاسية وعذاب بلا نهاية للروح والجسد» 
لأن الحب من طرف واحد عذاب ودموع  وقهر، وفى حالة الاعتراف به يكون محرج وجارح لمشاعر الرجل، ويكون ذل ومهانة كبيرة للمرأة يقلل من قيمتها وقدرها !!
ورغم ذلك كله فالحب الصادق ينبوع من الحنان لا يجف ولا ينضب ويظل جاريا كالنهر مدى الحياة .
د . علوي عمر بن فريد