د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

عندما يتكلم الكبار ليستمع الصغار..  الثورة والثروة لا يلتقيان (الأخيرة)

ذكرنا في الحلقة الاولى نصائح الأستاذ النعمان لصبيان الجبهة القومية عندما استلموا الحكم من بريطانيا حصرا وحكرا لهم وحدهم دون سائر القوى الوطنية الأخرى وقد صدقوا " اكذوبة " أنهم وحدهم من أنتزع الاستقلال بالقوة من بريطانيا !!
والحقيقة يعرفها الجميع عندما احتدم القتال بين التحرير والقومية في عدن تمكنت التحرير من مطاردة الجبهة القومية الى دار سعد وزريبة البقر وهنا أوعزت بريطانيا للجيش والأمن بالتدخل الى جانب القومية وتمكنوا من اخراج التحرير من حدود الجنوب الى اليمن كما تمكنوا من اعتقال العشرات منهم عام 1967م نكاية في عبد الناصر!!.
وكان الهم الوحيد آنذاك لقيادة الجبهة القومية هو الاستئثار بالسلطة مما جعلها تقتنع بوعد اللورد شاكلتون الشفوي بدفع تعويض لها قدره 65 مليون جنيه إسترليني وعندما لاحظ حرصها الشديد لاستلام السلطة سرعان ما تنصل عن وعده لها ولم تحصد منه الا السراب!!
والمشكلة ان حب السلطة والتشبث بها لازال يكمن في عقول وقلوب بعض دهاقنة الحزب الاشتراكي " المقبور " وريث الجبهة القومية حيث لا زال كبارهم الذين يعلمون صغارهم السحر ويقدمون لهم الحلول والنصائح و لمختلف أطراف الصراع في اليمن بل ولا زال البعض منهم مهووسين بالزعامة اعتقادا منهم أن تلك الحلول المحنطة ستعيدهم الى السلطة ولو على برذعة حمار أعرج من صعده لا فرق لديهم ‍، ونسي أولئك الرفاق أنهم من تسبب في نكبة الجنوب ، وأقول لهم ناصحا :
لن يصدقكم أحد اليوم من شعب الجنوب وأنتم قد جرعتموه السم الزعاف خلال حكمكم من 67حتى 1990م ، وأسألهم :
الم تسوقنا خلافاتكم وطيشكم وحروبكم البينية الى باب اليمن ؟!!
وبعد كل هذه الدماء التي سالت ولا زالت بسببكم أما كان الأجدر أن تتوبوا الى الله وتحلوا حزبكم وتعتزلوا السياسة ؟!!
ولكن الأدهى من ذلك أنكم لا زلتم تعملون على جر الجنوب الى مستنقع الوحدة مع باب اليمن من جديد !؟؟
ولكن لا غرابة في ذلك لقد نهبتم الجنوب وأمنتم أنفسكم وعائلاتكم وتعيشون اليوم في أوطان بديلة ولا زلتم تتسولون باسم الجنوب واليمن معا وتركتم شعبنا الأصيل العزيز العفيف يعيش على صدقات الدول وتبرعات المنظمات الدولية ؟‍!
وبعد كل هذا الدمار الذي ألحقتموه بشعبنا البائس يصدق فيكم مقولة الجنرال جياب القائد الفيتنامي و أحد أبطال الثورة الفيتنامية عندما زار عاصمة عربية توجد فيها فصائل فلسطينية (ثورية) في السبعينات من القرن الماضي مشابهة لكم ، فلما شاهد حياة البذخ والرفاهية التي يعيشها قادة تلك الفصائل والسيارات الألمانية الفارهة والسيجار الكوبي و البدل الايطالية الفاخرة والعطور الفرنسية باهظة الثمن وقارنها بحياته مع ثوار الفييت كونج في الغابات الفيتنامية .
قال لتلك القيادات مباشرة بدون مواربة : لن تنتصر ثورتكم!!
سألوه لماذا ؟؟
أجابهم : لأن الثورة والثروة لا يلتقيان !!
الثورة التي لا يقودها الوعي تتحول إلى إرهاب .
والثورة التي يغدق عليها المال يتحول قادتها إلى لصوص
وإذا رأيت أحد يدعي الثورة ويسكن بقصر أو فيلا ويأكل أشهى الأطباق ويعيش في رفاهية وترف وبقية الشعب يسكن في مخيمات ويتلقى المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة فأعلم أن القيادة لا ترغب في تغيير الواقع فكيف تنتصر ثورة قيادتها لا تريدها أن تنتصر ؟!! (انتهى الاقتباس )
وأنا أقول : مع الأسف الشديد إن هذا هو نفسه ما يحدث اليوم في اليمن عامة شمالا وجنوبا !!
إن منظومة الفساد التي تسكن الفنادق وتشتري العقارات في الخارج و ترتدي أشهر الماركات العالمية من الملابس وتكدس الأموال في البنوك هي صورة مشابهة بل وأكثر بشاعة من الفصائل الفلسطينية التي ذكرها الجنرال جياب وصدق عندما قال:
(إن الثورة والثروة لا يلتقيان )
وهذا هو موضوعنا الذي نقوم بإسقاطه على ما يجري اليوم في اليمن عامة والجنوب خاصة من مجاعات وأمراض فتاكة تطحن شعبنا وما يجري في عدن اليوم من نهب للأراضي وفساد وبلطجة وسلب بالقوة وتحت تهديد السلاح لحقوق المواطنين وأملاكهم وقد بلغ السيل الزبا خاصة في عدن التي شوهوا معالمها ولم يسلم من عبثهم جبل شمسان ولا الصهاريج ولا جزيرة العمال ولا الشواطئ ولا المساحات الزراعية في بير فضل وبير أحمد من قبل المليشيات وكل ذلك يتم تحت سمع وبصر المجلس الانتقالي العتيد ومن نصبوا أنفسهم أوصياء على الجنوب ليجلبوا له الاستقلال في نهاية المطاف على طبق من ذهب رغم أن تلك الأماني لا زالت تتأرجح إن لم تكن في حكم المستحيل !!
وهنا نسأل : كيف سيقتنع المواطن الجنوبي ودول التحالف العربي أن لدى هؤلاء مشروعا سياسيا وطنيا لاستعادة دولة الجنوب التي عصفت بها الوحدة اليمنية وأصبحت في خبر كان وهؤلاء اللصوص اختزلوا مساحة الوطن في قطعة أرض صغيرة لا تزيد عن أرض سكنية في المنصورة مساحتها 300 مترا وفي أحسن الأحوال فيلا في خور مكسر يتم نهبها من مواطن مغترب !!
فهل هذا هو الوطن الذي نحلم باستعادته ؟!!
وهؤلاء اللصوص يمارسون هذه الأفعال البشعة كل يوم بحق الجنوب و المواطن الجنوبي !!
وأود من قلب مخلص أن أنصح المجلس الانتقالي أن لا يتقمص ويتدثر برداء الحزب الاشتراكي ويدعي الوصاية من جديد على
شعب الجنوب ويطلق عقال المليشيات للعبث بالوطن الجنوبي؟؟
كما أجزم أن أي جنوبي يرفض رفضا قاطعا أن يصبح الانتقالي وريثا للحزب الاشتراكي اليمني الذي فشل مشروعه داخل وخارج الجنوب وعليهم أن يفتحوا صفحة بيضاء دون أحقاد ولا ضغائن فالجنوب ملك لكافة مواطنيه وكافة ألوان الطيف السياسي دون إقصاء أو تهميش لأحد.
ولنعتبر من التاريخ مما جرى لنا ولغيرنا من مظالم ونكبات
وهو نفسه ما يجري اليوم في عدن وكل الجنوب من البعض الذين اتخذوا من الثورة الجنوبية وحالة الحرب حجة وذريعة للاستقواء على المواطنين ويقومون بنهب ممتلكاتهم دون وجه حق . وأنا هنا أتحدث عن "بعض " القيادات وفروعها المتناسلة التي تعيش حياة مترفة داخل عدن وبعض العواصم العربية وفي الوقت نفسه تسلط وكلائها لنهب البلاد والعباد داخل الوطن و تريد الاستحواذ على كل شيء في الجنوب ورغم ممارساتها التعسفية تدعي بكل صفاقة أنها تحمي الجنوب ومواطنيه وكافة ممتلكاتهم .
و صدق الجنرال جياب عندما قال :
" إن الثورة والثروة لا يلتقيان "
الثورة التي لا يقودها الوعي تتحول إلى إرهاب.
والثورة التي يغدق عليها المال يتحول قادتها إلى لصوص !!
د. علوي عمر بن فريد