قاسم الشمري يكتب لـ(اليوم الثامن):

العراق ما بين التسعين الدقيقة وصافرة الحكم

يقال  عندما  تخطو  داخل  المعلب  فإنك  تقضي تسعين دقيقة

ولكن  التسعين  دقيقة  في  العراق  قد  تمدد  لما  هو أبعد  من  ذلك  (ولكم  في  الانتخابات  أسوةً سيئة)

في  جميع  بلدان  العالم  تحدث  الانتخابات  بِصُورَة سلسة  خاليةً  من  الاعتراض  وأسلوب  والترهيب والترغيب  وبممارسة  ديمقراطية  بعيدةً  عن  الإعلام وأصوات  المعارضين  إلا  في  "العراق"  تكون  الأزمات حاضره  بعد  انتهاء  كل  دورة  انتخابية  ليرتفع  فيه سوق  "النخاسة"  لشراء  الذمم والمؤامرات.

منذ  بداية  عام  ٢٠٠٣  كنا  شاهدين  على  تشكيل الحكومات  وكيف  كانت  توصف  بولادة  متعسرة  تأتي بعد  شَدّ  وجذب  لتفقد  بريق  الأمل  لدى  نفوس العراقيين  الذين  كانوا  يأملون  بِعِرَاق  مستقر  وآمن خال  من  أدوات  التسلط  الإجرامي  الذي  مورس بحقه  تحت  لافتة  "الديمقراطية"  هذا  المفهوم  الذي يعني  «حكم الشعب»

(وهو  شكل  من  أشكال  الحكم  يشارك  فيها  جميع المواطنين  المؤهلين  على  قدم  المساواة-  إما  مباشرة  أو من  خلال  ممثلين عنهم)

ولأن  من  يبنى  على  باطل  فهو  باطل  تبددت  هذه الأحلام  فصار  التقسيط  هو  اللغة  السائدة  بين الساسة  لِأَسْبَاب  كثيرة  ليصبح  البلد  أسير  المؤامرات والتدخلات  الخارجية  آلتي  عصفت  في  العراق  ابتداءً من  الحرب  الطائفية  وصولاً  إلى  ما  نحن  عليه  الآنوكأنما  نعيش  أحداث  مسلسلاً  له  عدة  أجزاء  لكن ليس  له  نهاية  وكأنما  الكاتب  تعمد ذلك

ليبقى  العراق  أسير  الصراع  السياسي  الديني  من جانب  وما  بين  صراع  المجتمع  من  جانب  آخر  وكما هو  معروف  أن  أقطاب  الحكم  الكتل  الشيعية والسنية  والكردية  في  دوامة  حرب  المغانم  فما  خفي منهم  كان  أعظم  ولو  أردنا  أن  نحلل  ما  يحدث  داخل كل  كتلة  فسيكون  على  النحو الآتي.

"الكتلة  الشيعية"  كما  هو  معروف  في  الإسلام  فأنها تركت  الواجب  واتجهت  إلى  المستحب  أي  يعني  إنهاء تركت  الواجب  الشرعي  لها  واتجهت  إلى  تقاسم "الكعكة"  ناهيك  عن  الفساد  الذي  سيطر  عليها فمنذ  مجلس  الحكم  وصولاً  إلى  البرلمان  لم  نشاهد أي  تكاتف  وتوحيد للكلمة.

"الكتلة  السنية"  ليست  أقل  ضراوة  ولكن  عدم وجود  مرجعية  سنية  لديهم  أوصلهم  إ  لى  طَرِيقًا مسدوداً  ورغم  المحاولات الكثيرة.

"الكتلة  الكردية"  بنظري  أنها  أفضل  بكثير  من نظرائها  من  الكتل  الشيعية  والسنية  فرغم  الحقد الدفين  بين  أطرافهم  السياسية  إلا  أنهم  يقدمون مصلحتهم  قبل  كل شيء.

لذلك  قد  يسأل  سائلاً  إلى  متى  تبقى  المحاصصة رفيقةُ  دربنا  إما  أن  الأوان  لكي  ترص  الصفوف وتتوحد  الكلمة  من  أجل  الخروج  بشيء  متفق  عليه إلى  متى  يبقى  العراق  رهين  الاتفاقات  السياسية المقيت  الذي  أنتج  لنا  حكومات  ضعيفة  غير  قادرة على  حماية  سيادتها،  فما  زال  الجميع  يسأل  متى  تأتِ الدقيقة  المنتظرة  (التسعون)  لكي  نشهد  على انفراجة  نشد  بها  جراحنا  ولكن  من  الواضح  أن الحكم  لياريد  أن  ينهي  هذه  اللعبة  المملة  ليضرب القوانين  ويبقي  الوقت  معطلاً  ليعطي  المزيد  من الإثارة  والتشويق  على  الوضع  العراقي  الذي  يكون فيه  الخاسر  الوحيد  هو  الشعب