د. إيمان شويخ تكتب:

هل يتكرر سيناريو 1988 ونكون أمام حكومتيْن وشغور رئاسي في لبنان؟

بيروت

بعد حوالي الشهر والنصف على تقديم الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي تشكيلته الحكومية لرئيس الجمهورية ميشال عون، والتي استتبعت بمقاطعة بين مقري الرئيسيين أي بين السراي وبعبدا، وساهم في بناء جدارٍ بين الرئاستين موقف صهر رئيس الجمهورية رئيس التيار الوطني الحروالذي وضع العصي في دواليب التأليف كما اعتبرت الأوساط السياسية بسبب إصراره على وزارة الطاقة وإصرار ميقاتي بالمقابل على إعطاء حقيبة الطاقة لسني بسبب الفشل في إدارة هذه الوزارة من قبل فريق التيار، دارت الأيام وأغلق ميقاتي باب القصر وراءه ولم يتصل بالرئيس عون إلى أن حصل اللقاء مجدداً أمس الأول نهار الأربعاء حيث زار ميقاتي بعبدا والتقى رئيس الجمهورية، وبعد اللقاء قال ميقاتي: «في 29 حزيران الماضي قدمت إلى فخامة الرئيس تشكيلة للحكومة، وتم خلال لقاء اليوم البحث في هذه التشكيلة، وللحديث صلة. وسنتواصل لأنني أستطيع أن أقول إن وجهات النظر متقاربة”
هذا في الشكل، أما إذا قرأنا مابين السطور فلماذا اختار ميقاتي هذا التوقيت بالذات ولم يتبقى سوى ١٣ يوماً لبد المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ تقول مصادر متابعة لملف التأليف أن ميقاتي يريد أن يجد حلاً بالتشكيل قبل انتهاء المدة وبالتالي تتولى الحكومة الجديدة برئاسته إدارة البلاد في حال لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية، وهنا فإن ميقاتي أمام خياريْن، إما ترميم الحكومة الحالية أي بتغيير بعض الأسماء، أو تشكيل حكومة جديدة ويبدو أن هذا الخيار من الصعب تحقيقه نظراً لتباين وجهات النظر بين الأطراف السياسية وبالتالي من المستحيل تشكيل حكومة جديدة، فوجد ميقاتي هذا المخرج أي ترميم الحكومة وإعطائها الثقة.
وتقول المصادرإن حزب الله وهو حليف للتيار الوطني الحر سعى لتقريب وجهات النظر من أجل إحياء الحكومة في ظل الانهيار الذي تعيشه البلاد، وقد يكون إصرار حزب الله هو لمواجهة المشكلات الداخلية في لبنان لتجنيبه الانفجار الداخلي، الذي لايجب أن يحجب الاهتمام عن ملف المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية وقد يؤدي إلى انفجار على الحدود إذا لم تلمس المقاومة تقدماً في المفاوضات
إلا أن مصلحة الرئيس ميقاتي بالتشكيل يقابلها لا مصلحة لباسيل الذي لن يستفيد من تشكيل الحكومة لئلا تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، وخاصة أن الخلاف بين ميقاتي وباسيل بلغ ذروته في الفترة الأخيرة حول ملف الكهرباء.
أما الخوف فهو أن يعاد تكرار سيناريو عام 1989، فماذا حصل؟

في 22 أيلول عام 1988 انتهت ولاية الرئيس أمين الجميل، فسعى لتشكيل حكومة انتقالية تكون مهمتها التحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعدما عجز المجلس النيابي عن ذلك حسب ما قال الجميل في إحدى المقالات التي تكتب مذكراته، ويقول الجميل إنه عندما وجد أن خيار المجلس العسكري برئاسة قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون، هو الخيار الأفضل، وحصل على موافقة جميع أعضائه الستة، عين عون لتولي هذه الحكومة.
وهدف الجميل في الواقع كان منع رئيس الحكومة آنذاك سليم الحص من إدارة البلاد بعد انتهاء ولايته ولئلا يكون الحص متولياً لصلاحيات رئيس الجمهورية، وأنتج ذلك حكومتين بقيت كلاهما معلقة الصلاحيات إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية بعد حوالي سنتين وانعقاد اتفاق الطائف وانتخاب الياس الهراوي رئيساً للجمهورية.
ويقول الجميل في مذكراته التي نشرتها صحيفة الشرق الأوسط “أن سليم الحص في حينها كان قد أبلغني عودته عن استقالة حكومة ليس هو رئيسها الأصيل، بل وكالة بعد اغتيال الرئيس المستقيل رشيد كرامي، انتحل الصفة رسمياً خلافاً لأحكام الدستور، الأمر الذي لم يكن في وسعي القبول به. لذا، كان عليّ أن أشكّل حكومة جديدة بحسب ما يقتضيه الدستور، وكما درجت التقاليد اللبنانية”.
فهل يعاد سيناريو 1988 ونصبح أمام حكومتين واحدة برئاسة ميقاتي وثانية برئاسة من يختاره الرئيس المنتهية ولايته ؟ وماهي نية الرئيس عون هل سيفسح المجال للحكومة أن تدير الدولة في حال لم يتم التوافق على اسم مرشح لرئاسة الجمهورية، أم أننا سنكون أمام إجراء الانتخابات الرئاسية ويكتمل النصاب في مجلس النواب لهذه الانتخابات وتجنيب لبنان الوقوع في فوضى دستورية واشتباك في التفسيرات؟
على أية حال فإن القرار الفعلي في قصر بعبدا هو لصهر رئيس الجمهورية الوزير السابق جبران باسيل والذي سيؤثر في المعادلة كونه من مرشحي رئاسة الجمهورية، علماً أن أية أسماء جدية لم تطرح بشكل رسمي بعد ولعل ذلك مرده ارتباط الملف الرئاسي بالتسويات الإقليمية وخاصة الملف النووي، كما ارتباطه بنجاح ملف المفاوضات حول الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي، وأيلول لناظره قريب.