د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):

الشعب الإيراني وثورته بين صيانة الأرواح وطموح المستقبل

صنعاء

حالة من الذعر والرعب هيمنت على نظام الملالي منذ احتداد الإنتفاضة الإيرانية التي تسير في شهر الرابع للأمام دون هوادة على الرغم من تصاعد وتيرة القمع والخطف وأنواع القتل الحكومي سواء كان ذلك بالإغتيال أو القتل تحت مسمى الإعدام، إذ أمعن النظام وجنوده في القتل والإجرام بحق المتظاهرين في الشوارع والجامعات والمدارس، ولم تسلم من إجرامه الأطفال فقد قتل منهم أكثر من سبعين طفلا حتى الآن، بالإضافة إلى قتل مئات النساء وإعدام الشباب، كل ذلك ولم ينجح النظام بكامل قواته القمعية المتعددة التي أنهكها ودحرها الثوار وأجبروها على التراجع مرات ومرات مما دفع بالسلطات الإيرانية إلى زج قوات النخبة من الحرس وكذلك زج الجيش واستخدام أسلحة قتالية حربية متوسطة وفوق المتوسطة في شوارع المدن ضد متظاهرين عزل، ويبدو أن النظام قد رأى أن نهايته ستكون على يد المرأة الإيرانية والشباب لذلك عمد ويعمد إلى الفتك بالشباب والنساء والتعجيل بإعدام من يقع في قبضته، ومن لا يستطيع أو يتحرج من إعدامه قتله بطرق وأساليب العصابات لكن بصمات حكومية أو شبه حكومية كانت واضحة في جرائم القتل تلك، ووصل الخوف في أوساط الملالي إلى حد الإنهيار والتهور حتى وسع رقعة عملياته العدوانية فوصلت الإراضي العراقية لتشتيت آراء الرأي العام العالمي فيتمكن من قمع الشعب الإيراني أكثر فأكثر، ووصل به الإستهتار بالأرواح الى حد التعجيل بمحاكمات الشباب المتظاهرين المعتقلين وإستصدار أحكاما سريعة بالإعدام بحقهم تسغرق تلك المحكمات في حال صحتها ومصداقيتها وفي ظروفها الطبيعية ما يقرب من سنة لإكمال التحقيق وإثبات الأدلة وأعطاء الفرصة الكافية لأصحاب الحق الشخصي بالتفكير في الصفح والعفو عن الجاني.

الشعب الإيراني وثورته بين صيانة الأرواح وطموح المستقبل 

في الإنتفاضة تجلت العديد من الدروس والعبر في سلوك عفوي تلقائيا عن الشعب الإيراني منها التضامن فيما بين كافة أبناء إيران على إختلاف أعراقهم ومناطقهم ومعتقداتهم موحدين في آلامهم وشعاراتهم وطموحاتهم.

من الدروس القيمة الأخرى التي استقيناها منذ تأجج الإنتفاضة قبل ثلاثة أشهر وبضعة أيام حيث لم نسمع قط حديثا للثوار الإيرانيين عن الغلاء الفاحش و ارتفاع معدلات التضخم والركود المريبين وتدني مستويات الدخل والقدرة الشرائية وارتفاع معدل البطالة وانتشار الأزمات وتعاظم الفقر الذي أوصل الناس في بعض الأحيان إلى تفضيل الموت عليه فموت بكرامة خيرٌ من حياةٍ ذليلة في ظل سلطة عبيد يحكمون أحرارا ، لم نعد نسمع شيئا عن الوضع المعيشي والمعاناة اليومية وكل ما تسمعه صرخات التحدي وهتافات تصدح بـ شعارات: الموت للدكتاتور .. الموت لولاية الفقيه.. الموت للمستبد سواء كان الشاه أو الملالي.. سأقتل سأقتل كل من قتل أخي، كل من قتل أختي.. حرية حرية حرية، وهنا قدم الشعب الإيراني في  ثورته الحرية والكرامة على الحياة.، ولا يقف الأمر عند ذلك فحسب بل ربما يصل الأمر مساعي الشعب الإيراني لإسقاط النظام الإستبدادي الحاكم من أجل صيانة كرامته وأرواح أبنائه فقط لا غير بعد ما رآه من سفك لدماء أبنائه دون أدنى إعتبارات والإستخفاف بمشاعر الأمهات والأباء كما فعلوا مع والدة الشاب الرياضي الثائر مجيد رضا رهنورد عندما قالوا لها إذهبي فسنطلق سراحه ورائك عما قريب وفي الصباح قالوا لها تعالي خذي إبنك فقد قتلناه؛ نعم لقد أطلقوا سراحه كقتيل بأوامر إجرامية حكومية، وكل الشباب الإيراني مهددٌ بالموت اليوم سواء كان ذلك بالقتل في الشوارع أو قتلهم تحت مسمى الإعدام أو دفعهم نحو الإدمان والإنتحار.

إخصائيين وأطباء نفسيين مجرمين 

لا غرابة في أن نسمع بأخصائيين وأطباء نفسيين ومسؤولين إيرانيين يوجهون المعتقلين من المتظاهرين نحو الإدمان والإنتحار كمن يتعامل مع عدو لدود لا ينتمي إليه بأي شكل من الأشكال، وليس جديدا على سلطات النظام أن توزع المواد المخدرة في السجون وتخلق وتتهاون بشأن المتاجرة بها داخل السجن وتتبعها كوسيلة من وسائل إذلال السجين، لكن قضية ممارسة أنواع الضغوط مع إعطاء حبوب مخدرة للسجناء وتعبئة إذهانهم باتجاه الدفع بهم إلى الإنتحار نمط جديد لم أسمع أنا به من قبل ولا أرى فيه جريمة في غاية الإجرام مع شباب في عمر الورود يريدون أن يتخلصوا منهم بهدوء وعلى يد أطباء وأخصائيين نفسيين مجرمين.. وعلى هذا الحال لا خلاص للشعب الإيراني مما هو فيه ولا نجاة لأرواح أبنائه إلا بإسقاط هذا النظام الفاشي.

د.محمد الموسوي / كاتب عراقي