نظام مير محمدي يكتب لـ(اليوم الثامن):

اليوم العالمي للمرأة... يوم مختلف بالنسبة للمرأة الإيرانية

طهران

لقد مرت 147 سنة منذ الثامن من مارس إحياءً لذكرى النساء المقهورات، والرائدات المدافعات عن حقوق متساوية، تحت عنوان "اليوم العالمي للمرأة".
يتم الاحتفال بهذه المناسبة التاريخية في معظم دول العالم لتكريم النساء الشجاعات.
بالنسبة للمرأة الإيرانية هذا اليوم التاريخي بشكل عام وهذا العام على وجه الخصوص له معنى مختلف.
والسبب أن نظام ولاية الفقيه، الذي ألقى بظلاله المشؤومة على شعب إيران مثل الأخطبوط طيلة 44 عامًا، أطاح بكل القيم، بما في ذلك العلاقات الإنسانیة، رأساً على عقب، وأفرغ مفاهيمها وأفسد مصداقيتها.
منذ أن جاء خميني إلى إيران وفرض "حكم الولي الفقيه المطلق" على شعب إيران، تعرضت النساء للاضطهاد والظلم أكثر من غيرهن. 

كان شعار "إما الغطاء علی الرأس أو الضربة علی الرأس"  يُفرض على النساء منذ الأيام الأولى من حکم هذا النظام.
وفرض رضا شاه "السفور" على النساء المسلمات المحجبات بقوة جنوده المسلحين وخلع الحجاب عن رؤوسهن. وفي الاتجاه المعاكس، فرض خميني الحجاب القسري على النساء‌الإیرانیات.
اشتكى أئمة الجمعة الذين نصبهم خميني وخامنئي خلال صلوات الجمعة من "أنتم أيها السادة وضعتم غطاء فوق سيارتكم لحمايتها، كيف تسمح غيرتكم لنسائكم بمغادرة المنزل بدون حجاب"! 

ومن منظور نظام ولاية الفقيه، فإن المرأة ملك للرجل وسلعة و "آلة". تم فرض هذه الثقافة الذکوریة على النساء الإيرانيات من قبل نظام ولاية الفقيه الفاشي.

الملامح البارزة لنظام ولاية الفقيه 

لنظام ولاية الفقيه سمتان بارزتان: 

أولاً: القمع الداخلي الذي يتمحور حول القمع العنيف للمرأة. 

ثانيًا: تصدير الأزمات والإرهاب والتدخل في دول المنطقة وآثارها ونتائجها المدمرة التي لمستها شعوب سوريا والعراق ولبنان واليمن وما زالت تعاني منها.
وکلتا هاتین المیزتین للتستر على القمع الوحشي الداخلي. 

لماذا بالنسبة للمرأة الإيرانية يختلف "اليوم العالمي للمرأة" هذا العام؟ 

الجواب هو أنه بعد مقتل الشابّة الكردية مهسا أميني على يد دوريات الإرشاد في طهران في 16 سبتمبر 2022، والاحتجاج والانتفاضة على مستوى البلاد ضد هذه الجريمة الحكومية، اكتسب الحضور القوي للفتيات والنساء في الانتفاضة شعبية كبيرة وتألق خاص ومصداقية.
ومع الوجود النشط الذي لا يمكن إنكاره للمرأة في الانتفاضة الوطنية، تم الكشف عن حقيقة كبيرة، وهي الدور الخاص للمرأة في تحديد مصير المجتمع الإيراني.
قبل قرن من الزمان، كانت النساء، كنصف سكان العالم، يحاولن الحصول على حق التصويت، ولكن في تقدم نضالهن ولعب دورهن المميز، يسعين الآن لتغيير العالم.
على وجه الخصوص، هناك ثورة حاليًا في إيران وضعت جبهة الحق والمحبين للحرية بأكملها ضد نظام الملالي القاتل للحرية والكاره النساء.
ترفض هذه الانتفاضة الوطنية تمامًا حكم الملالي الفاشيين من جهة وديكتاتورية الشاه البائدة من جهة أخرى، وهي مصممة على إقامة جمهورية ديمقراطية.
خلال انتفاضة الشعب الإيراني على مستوى البلاد، ومع الدور القيادي والبارز للفتيات والنساء في 204 جامعة، كانت الطالبات في معظم الحالات في المقدمة. من بين 1776 مدرسة انضم فيها الطلاب إلى الانتفاضة، كانت هناك 1186 مدرسة للبنات. 

استمرار الانتفاضة الإيرانية 175 يومًا، ولا تزال مشتعلة حتى اليوم 
في الانتفاضة التي عمت البلاد، شدّت النساء قبضتهن، وصرخن، ورددن هتافات، وأُطلق عليهن الرصاص، وفقدن أعينهن، واعتُقلن وعُذِّبن، واغتُصبن، وما إلى ذلك، لكنهن لم يتنازلن عن مطالبة بالحرية.
في هذه الانتفاضة، استشهدت ما لا يقل عن 83 امرأة على يد عملاء النظام القمعي. أولهم مهسا أميني وآخرهم زربي بي إسماعيل زهي في زاهدان.
وكان من بين الشهداء سيدة كردية اسمها نسرين قادري من مدينة مريوان. كانت طالبة دكتوراه في الفلسفة.
كتبت قبل استشهادها: "لا تخوفونا من الموت، لقد عشناه".
تسمیم طالبات المدارس خطوة أخرى ضد "المرأة الإيرانية"
نظرًا للدور البارز للنساء والفتيات الإيرانيات في الانتفاضة التي عمت البلاد، بدأ جهاز خامنئي القمعي مؤامرة أخرى معادية للإنسانية والمرأة بالتحديد.
لقد مرت مائة يوم على تعرض طالبات المدارس لهجمات كيماوية من قبل عملاء الحكومة، وتستمر حتی الیوم هذه المؤامرة والعمل الشرير.
وفقا للأخبار المنشورة، لقي ثلاثة طالبات مسمومات حتفهم حتى الآن.
لهذا السبب، يعتبر الثامن من مارس من هذا العام يومًا خاصًا للنساء الإيرانيات وخاصة الفتيات.
قالت السيدة أنجرت كرامب كارنباور، وزيرة الدفاع الألمانية السابقة، والتي شاركت في المؤتمر الدولي للاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 4 مارس في بروكسل:
"... نظام إيران نظام إجرامي يواجهه العالم لأنه يدعم الإرهاب والتطرف ويمنع الحياة السلمية في الدول المجاورة. هذا النظام يسيء لاسم الله والدين. هذا نظام ضعيف لأنه يخاف من الأطفال والشباب والنساء. والدليل على ذلك أنه يسجن ويسمّم ويعذّب ويقتل شباب إيران كل يوم. علينا جميعا أن نحارب مثل هذه الأحداث ". 

تاريخ انضمام النساء إلى النضالات الوطنية للشعب الإيراني 

منذ الثورة الدستورية، التي انتصرت في أغسطس 1906، لعبت المرأة الإيرانية باستمرار دورًا نشطًا في النضالات الاجتماعية.
كان لهنّ حضور كبير في الاحتجاجات ضد طغيان سلالة القاجار.
وكان من بينهن نساء قاتلن بالسلاح إلى جانب الرجال في مدینة تبريز.
وارتدى بعضهم ملابس الرجال حتى لا يتم التعرف عليهن وإخراجهن من ساحة المعركة بسبب "كونهم امرأة". 

بعد الثورة واستبداد رضا شاه، أبو الشاه السابق، على إيران، حاول نظام الملالي فرض "الحجاب الإجباري" على النساء الإيرانيات.
وخلال حكم الملالي الذي دام 44 عامًا، انضمت نساء إيرانيات شجاعات إلى صفوف النضال من أجل التحرير للحصول على حقوقهن والحقوق التي سلبها النظام من أبناء الشعب الإيراني. حتى الآن تعرض الآلاف منهم للتعذيب والإعدام في سجون ولاية فقيه.
وفي الأيام الأولى بعد الإطاحة بنظام الشاه الديكتاتوري، تزامن اليوم العالمي للمرأة مع احتجاج النساء على "الحجاب الإجباري".
في ذلك اليوم قامت  نساء حرکت‌ مجاهدي خلق المحجّبات بحماية مظاهرة السافرات ضد هجوم بلطجية خميني.
حتى الآن، في انتفاضة وثورة عام 2022، كانت هؤلاء النساء في طليعة إيران، واللواتي أظهرن للفاشية الدينية الحاكمة وأنصارها أن المشكلة الرئيسية للمرأة الإيرانية ليست حجابها، بل حرمانها من حريتها.
والمرأة الإيرانية مصممة على تولي القيادة والسعي من أجل الحرية واستعادة السيادة للشعب الإيراني