معن بشور يكتب:
نحو تكامل عربي إقليمي
من يتابع حركة الزيارات والاتصالات واللقاءات الجارية في غرب آسيا وامتداداتها الدولية، يدرك أن هذه المنطقة قادمة على انفرجات هامة يمكن لها لو تم حمايتها وتحسينها أن تتحول إلى تكامل إقليمي يسهم في نهوض هذا الإقليم بكل دوله على كافة المستويات..
فمن إنهاء القطيعة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران برعاية الصين، إلى عودة العلاقات إلى مجاريها بين القاهرة وأنقرة بعد توتر دام أكثر من 11 عاماً، ومن تسارع الزيارات واللقاءات بين القيادة السورية وبين حكومات عربية كانت علاقاتها تشهد توترات وانقطاع عن دمشق إلى حد تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية وهي الدولة التي كانت بين سبع دول ساهمت في تأسيسها، وصولاً إلى الدعوة التي تردد أن الرياض ستوجهها إلى الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد للمشاركة في القمة العربية.
وتتزامن هذه التطورات الهامة مع تصاعد المقاومة في فلسطين المحتلة، فيما تتزايد حركة الانقسام الأهلي داخل الكيان الصهيوني، بل ومع تطورات هامة على المستوى الدولي حيث يبدو واضحاً تراجع الهيمنة الأحادية الأمريكية لصالح قيام نظام دولي متعدّد الأقطاب، ليس على المستوى العالمي فقط، بل على مستوى بعض الدول الإقليمية لم يعد ممكناً تجاهل دورها وفعاليتها، سواء في غرب آسيا أو في إفريقيا أو في أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي.
هذه التطورات والمتغيرات الهامة التي يشهدها العالم بشكل عام، وإقليمنا بشكل خاص، تفتح الآفاق أمام أمور عدة:
أولها: إمكانية استفادتنا كعرب من هذه الفرصة التاريخية لإعادة بناء علاقات صحّية بين مكونات أمتنا والإقليم، دولاً وتيارات وجماعات، وصولاً إلى إعادة بناء نظام عربي رسمي مبني على الثوابت التي قام عليها هذا النظام قبل عقود، وأبرزها السعي لبناء تكامل عربي وعمل عربي مشترك على كافة المستويات، وانغماس مشترك في معارك الأمة الرئيسية، وفي مقدممتها المعركة المركزية في فلسطين حيث هزيمة العدو هي مدخل رئيسي لهزيمة مشروعه التفتيتي والفتنوي في مجتمعاتنا العربية،
ثانيهما: إمكانية الاستفادة كدول إسلامية من هذه الفرصة لتنقية العلاقات فيما بينها من شوائب علقت بها وسممت الأجواء بين هذه الدول وداخلها، وصولا ًإلى بناء تكامل إقليمي تتحصن به المنطقة وتنهض دولها على غير صعيد اقتصادي وسياسي وأمني وثقافي واجتماعي.
ثالث هذه الأمور: هو أن تستفيد شعوب هذه المنطقة وإقليمها العربي والإسلامي من هذه التطورات لكي تلعب دوراً هاماً في صياغة مستقبل جديد للعالم مبني على نظام عالمي جديد حيث لا هيمنة لجهة على هذا النظام، نظام مبني على التكامل والتكافؤ واحترام القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات ذات الصلة.
إن تحقيق هذه الأهداف على المستوى العربي والإقليمي والدولي مرهون بقدرتنا جميعاً على تنقية الأجواء على المستوى الشعبي من كل سموم التعصب الطائفي والتناحر المذهبي والتمييز العرقي والعنصرية على قاعدة أن ما يجمع شعوب إقليم ومجتمعاتها هو أكثر بكثير مما يفرق بينها، وخصوصاً أن هناك قضية مقدسة تجمعنا جميعا، هي قضية فلسطين، وعنوانها القدس ومقدساتها.
كما أن تحقيق هذه الأهداف مرهون بقدرتنا على بناء أطر وآليات كفيلة بتحويل هذه الإيجابيات إلى حقائق يومية، والى مؤسسات متطورة وأبرزها تطوير جامعة الدول العربية لإخراجها من حال الجمود والارتهان لأطراف خارجية، وتطوير منظمة التعاون الإسلامي لتتحوّل إلى فعل تكاملي تراكمي ممتد في التاريخ والجغرافيا، في السياسة والاقتصاد، في التربية والثقافة، في الدفاع والأمن، بحيث يتحول إقليمنا إلى قوة مؤثرة في السياسة الدولية.
والمطلوب أيضا أن يتم استكمال التكامل العربي والإسلامي في إطار تعاون، يتكامل مع قوى التحرر في العالم، كبيرة كانت هذه القوى أو صغيرة، لاسيما في القارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ودول الكاريبي.
وفي هذا المجال فإننا في المركز العربي والدولي للتواصل والتضامن (الذي عكف منذ تأسيسه على عقد مؤتمرات وملتقيات ومنتديات عربية ودولية هدفها بناء شبكة واسعة من قوى عربية وإسلامية ودولية)، على إجراء اتصالات لعقد مؤتمرات عربية - إفريقية، وعربية - آسيوية، وعربية - أمريكية لاتينية، وعربية - روسية، وعربية - صينية، وعربية - هندية، بإضافة إلى مؤتمرات عربية مع أحرار أوروبا والولايات المتحدة أمريكية للبحث في وسائل وسبل إسقاط السياسات الاستعمارية لحكومات تلك الدول التي ما زالت تفاخر بعلاقاتها مع كيان الإرهاب الصهيوني على حساب حقوق الشعب الفلسطيني البطل، وأمن الأمّة والإقليم ومصالحهم